مساعدة الأخرين ( قصة حقيقية)



دوعني أخبركم بالحكاية من البداية .. 


بسم الله الرحمن الرحيم ،،

عندما دخل سعيد الذي تخرج حديثاً من الجامعة إلى الشركة الكبيرة التي يطمح بالحصول على وظيفة فيها... كانت دقات قلبه تتسارع،، فهذه الشركة تعد من أكبر شركات البلد وصاحبها من أغنى الأغنياء والكل يتهافت للحصول على عمل فيها وبينهم أبناء الكبار أصحاب الواسطات، فكيف له أن ينافس كل هؤلاء وهو الشاب البسيط وإبن الموظف البسيط الذي توفي ولم يترك له من مال الدنيا شيئاً، ولكنه تذكر وصية المرحوم والده الذي أوصاه بالتوكل على الله في كل أمر وإن يرضى بقضاء الله عز وجل مهما كان وأن لايحزن على أي شيء لم يحصل عليه فلربما كان الخير في ذلك دون أن يدري ..

دخل سعيد على مدير شؤون الموظفين وقدم أوراقه وطلب منه الرجل أن ينتظر إتصالاً كي يتم إعلامه بالنتيجة،، خرج سعيد وهو شبه متيقن من أن النتيجة ستكون سلبية، هذا إذا إتصل به أحد أصلاً ولم يرموا طلبه في أقرب سلة مهملات، مضت عدة أيام وفجأة جاء الإتصال الموعود وطلب منه المتحدث أن يأتي إلى الشركة في المساء لإجراء المقابلة، فرح سعيد ولبس أحسن ماوجده من ثيابه المتواضعة...


وذهب حسب الموعد وأبلغ موظف الإستعلامات بإسمه فقال له الأخير وهو ينهض إحتراماً: أهلاً وسهلاً ياسيد سعيد، شرفتنا يا سيد سعيد، تفضل لأوصلك إلى غرفة رئيس مجلس الإدارة، ضحك سعيد وقال للرجل: يا صديقي أنت قد خلطت بيني وبين شخص آخر!! أنا مجرد شخص بسيط طالب وظيفة!، سأله الرجل: ألست الأستاذ سعيد أحمد فريد ؟! وعندك موعد الساعة الخامسة؟! أجاب سعيد : نعم أنا هو !! فقال الرجل مبتسماً: إذا أنا لست مخطأ ياسيدى وموعدك مع السيد رئيس مجلس الإدارة الذي أوصانا باستقبالك بحفاوة تليق بمقامك، ذهب سعيد مع الموظف وهو مشدوه فدخل إلى مكتب رئيس مجلس الإدارة الفخم وما أن عرف موظف الإستعلامات عنه حتى نهض جميع من في المكتب إحتراماً له،، لم يصدق سعيد ما يرى ولم يفهم مالذي يحدث وكان متيقناً أن هناك إلتباساً قد حصل وسرعان ماسيدرك الجميع هذا الإلتباس وسيطرد شر طردة،، فلو كان إبن وزير لما أستقبل بهذه الحفاوة.. 

إنتظر سعيد عدة دقائق ثم طلبت منه السكرتيرة الدخول، فدخل إلى المكتب الفخم ورأى رئيس مجلس الإدارة جالساً وما أن رآه الأخير حتى نهض عن كرسيه وجاء إلى سعيد وأخذه بالأحضان وهو يقول: أهلاً بك!! أهلاً بالعزيز الغالي أهلاً بالحبيب،، تلعثم سعيد وقال: أشكرك ياسيدي على هذه الحفاوة ولكن أغلب الظن أنك تحسبني شخصاً آخر فأنا لم أتشرف بلقائك من قبل ولم أراك سوى في الجرائد والمجلات،، إبتسم الرجل وذهب إلى درج مكتبه وأخرج صورة قديمة صغيرة وأراها لسعيد الذي بهت لرؤيتها وكأن صاعقة قد ضربته!! فقال وهو يكاد يصرخ: هذه صورة المرحوم أبي من أين لك بها هل كنت تعرفه؟! قال الرجل: المرحوم؟! هل مات هذا الرجل الطيب ؟ رحمه الله وغفر له وجعل مثواه الجنة .. قال سعيد: ولكني لا أفهم فمن أين لأحد كبار أثرياء البلد أن يعرف أبي وهو رجل متواضع جداً عاش مستوراً حتى آخر يوم في حياته؟ 

قال الرجل: دعني أخبرك الحكاية من البداية .. فمنذ سنوات عديدة كنت مازلت شاباً في مقتبل العمر ولكني كنت مثلك دون واسطة ودون نقود، وفي أحد الأيام كنت أريد أن أتقدم بطلب وظيفة مثلما تفعل أنت الآن ولكن المشكلة أني لم أمتلك أي نقود كي أذهب بها إلى المدينة التي تعرض الوظيفة، فجلست حائراً مهموماً في محطة الباصات ولا أدري من أين أحصل على ثمن التذكرة وكان يجلس إلى جانبي شاب آخر سألني عن سبب حزني فاخبرته بما يحدث معي.


 فمد يده في جيبه وأخرج محفظته وأخرج منها كل مافيها من نقود وأعطانى إياها، إستغربت وأخبرته أني لا أستطيع قبولها ولكن بعد إصراره الشديد أخذتها وسألته كيف أردها لك؟! فأخبرني أنه لايريدها ولكن إذا من الله عليّ فيجب أن أجعلها صدقة جارية وأن أساعد كل يوم شخصاً محتاجاً دون أن أعرف من هو، فقلت له أخبرني إسمك على الأقل فقال لي أن إسمه أحمد فريد، ويلقبونه أصدقائه بأبو سعيد، وعندما تركته وذهبت وجدت أنه نسي صورة له بين النقود فإحتفظت بها كذكرى عن هذا الرجل الكريم،، و مضيت إلى المدينة وتوظفت وترقيت وأسست شركتي الخاصة، وإزدهرت أعمالي وبحثت عن والدك في كل مكان فلم أجده، وأقسمت أن أحفظ أمانته ماحييت ومن يومها وأنا أساعد كل يوم شخصاً لا أعرفه فتارة أجلس في محطات الباص وتارة في المساجد وتارة في المستشفيات، ويشهد الله أنه لم يمض يوم واحد إلا وقد ساعدت محتاجا، وكلما شكرني قلت له عليك أن تشكر أبو سعيد فلولاه لما كنت قادراً على مساعدتك، فاعلم ياولدي أن المرحوم أباك شريك لي في كل خير عملته وكل صدقة أعطيتها!!


 دمعت عين سعيد وقال: رحم الله والدي كان دوماً يحضني على مساعدة الآخرين ويقول لي ياولدي ساعد خلق الله فيجزيك خالقهم عنك خير جزاء في حياتك أو مماتك أو أولادك من بعدك، ولا تستخف بأي عمل خير مهما صغر، فقد يغير حياة إنسان دون أن تدري، نهض الثري وعيناه تدمع هو الآخر وقال: والله إني لم أفحص طلب توظيف لأي أحد بنفسي منذ عشرين سنة ولدي أشخاص معنيين بذلك إلا أن هاجزاً دفعني أن أطلب من المدير كل ملفات التوظيف الجديدة وأنا نفسي لا أدري لماذا، وأخذت أتفحصها واحداً واحداً،، وما أن وقعت عيني على صورتك حتى عرفتك فوراً، فأنت صورة طبق الأصل عن المرحوم والدك والحمد لله أني سأستطيع أن أرد جميله وفضله، واعلم أنك قد تعينت عندي وفي مكتبي الخاص، وسأحرص على أن أجعل منك إنساناً ناجحاً يفخر بك المرحوم والدك .. 


(( القصة حقيقة ))

يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

شكرا لك ولمرورك