قصيدة الاصمعي :صوت صفير البلبل




 وددت أن أقص عليكم هذه القصة الطريفة كما ورجوت أن تنال إعجابكم و تقديركم لما فيها من غرابة المعنى والملفط لكنها من التراث العربي الإسلامي الذي لا يقدر بالياقوت .
يحكى بأن الأصمعي سمع بأن الشعراء قد ضيق عليهم بفعل أمير فهو يحفظ كل قصيدة يقولونها ويدعي بأنه سمعها من قبل فبعد أن ينتهي الشاعر من قول القصيدة يقوم الأمير بسرد القصيدة إليه ويقول له لا بل حتى الجاري عندي يحفظها فيأتي الجاري فيسرد
القصيدة مرة أخرى ويقول الأمير ليس الأمر كذلك فحسب بل إن عندي جارية هي تحفظها أيضاً. 

فأصيب الشعراء بالخيبة والإحباط ، حيث أنه كان يتوجب على الأمير دفع مبلغ من المال لكل قصيدة لم يسمعها ويكون مقابل ما كتبت عليه ذهباً. 
فسمع الأصمعي بذلك فقال إن بالأمر مكر. فأعد قصيدة منوعة الكلمات وغريبة المعاني . فلبس لبس الأعراب وتنكر حيث أنه كان معروفاً لدى الأمير. فدخل على الأمير وقال إن لدي قصيدة أود أن ألقيها عليك ولا أعتقد أنك سمعتها من قبل. فقال له الأمير هات ما عندك ، فقال:


صـــوت صــفيـــر البلبل *** هــيـــج قـلــب الثـمـل

الــمـــاء والــزهـــر معــاً *** مـــع زهر لحظ المقل

وأنــت يـــا سـيـدلـــــي *** وسـيــدي ومـولـــى لـي 

فـكـــم فـكـــم تـيـمـنــي*** غــزيــــــلٌ عـقـيـقـــــــل

قـطـفـتـهـــا مـــن وجـــنـة*** مـــن لثـــم ورد الخجل

وقــلــــت بـسـبـسـتـننـي *** فلــــم يـجــد بـالـقـبــــل



فـــــقــــــال لا لا لا لا لا *** وقــــد غــدا مـهــرول

والخوذ مالت طربــــاً *** من فعـــل هـــذا الرجــــل

فــولولـــت وولولـــت *** ولـــي ولـــي يا ويــل لي

فــقـــلـــت لا تــولـــولـــي*** وبــيــنِ اللــؤلـــؤ لـــي

فــلــمــا رأتـــه أشمطا *** يـــريــــد غيــــر الـقـبـــل

وبــعــــده لا يـكـتـفــي *** إلا بــطــيــب الـوصـــلــل 

قـالــت لـــه حـيــن كـذا *** انـهـض وجــد بــالـنـقــل

وفــتــيـــةً سـقــونـنــي *** قــهـــوةً كـالـعـســل لـــي

شـــمــمــتــهـــا بــأنـفي *** أزكـــى مـــن الـقـــرنـفـلِ

فـــي وســـط بـــسـتان حلي *** بالزهر والسرور لــي

والعــود دنــدن دنا لي *** والطبــل طـبـطـب طــب لـي

طب طبطب طب طبطب *** طب طبطب طب طبطب لي

والسقف سق سق سق لي *** والرقص قـد طالــب إلـــي

شــوي شــوي وشــا هـشَ *** عـلــى ورق سـفـرجــلِ

وغـــرد الـقــمـــري يصيح *** مــــلــلٍ فــــي مــلــــلِ

ولـــو تــرانــــي راكـبــــاً *** عــلــــى حـمـار أهــزل

يـمـشـــي عـلــى ثـلاثـــة *** كـمـشـيـــة الـعــرنـجـــل

والـنــاس تــرجـــم جـمـلي *** بــالـســوق بــالـقـلـقـللي

والــكـــل كـعـكـع كـعكــع *** خـلـفــي ومـــن حـويــلـلـي

لـكــن مـشـيــت هـاربـــاً *** مـــن خـشـيــة الـعـقـنـقـلــي

إلــــى لـــقـــــــــــــاء مــلـكٍ *** مـــعـظـــــــمٍ مـبـجـــــــل

يــــأمــــر لــــي بـخـلـعـــة *** حــمــراء كــالـــدم دم لـــي 

اجـــــــر فـيـهـــا مـاشـيــاً *** مــبــغــــــدداً لــلـــذيــــــــــل

أنـــــا الأديــــب الألــمـعــي *** مــــن حــــي أرض الـمـوصل

نـظـمـــت قـطـعـــــاً زخرفت *** يــعـجــــز عـنــهــــــا الأُدب

لــــي أقـــــول فـــي مـطـلـعـهــا *** صــوت صـــفـيـر الـبـلـبـل 

                                                                              
حينها اسقط في يد الأمير فقال يا غلام يا جارية. قالوا لم نسمع بها من قبل يا مولاي. فقال الأمير احضر ما كتبتها عليه فنزنه ونعطيك وزنه ذهباً. قال ورثت عمود رخام من أبي وقد كتبتها عليه ، لا يحمله إلا عشرة من الجند. فأحضروه فوزن الصندوق كله. فقال الوزير يا أمير المؤمنين ما أضنه إلا الأصمعي فقال الأمير أمط لثامك يا أعرابي. فأزال الأعرابي لثامه فإذا به الأصمعي. فقال الأمير أتفعل ذلك بأمير المؤمنين يا أصمعي؟ قال يا أمير المؤمنين قد قطعت رزق الشعراء بفعلك هذا. قال الأمير أعد المال يا أصمعي قال لا أعيده. قال الأمير أعده قال الأصمعي بشرط. قال الأمير فما هو؟ قال أن تعطي الشعراء على نقلهم ومقولهم. قال الأمير لك ما تريد.

يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

شكرا لك ولمرورك