لمن بلغ سن الأربعين أو أوشك على ذلك

إن كنت تبلغ من السن الأربعين ،أو إنك توشك على بلوغه فإني أدعوك لقراءة هذه المقالة ، وإن لم يكن لديك الرغبة في اضاعة عمرك،   فقم فورا بمراجعة سريعة لما قد قدمت لحياتك ، ادعوك مرة اخرى لقراءة متمعنة لهذا المقال.


اذا كانت كل محطات العمر التي تبدأ بالصفر تحمل معنى مؤثرا، فان لسن الاربعين ميزة على كل تلك المحطات. فاذا كان سن العشرة يعني بداية التكليف، وسن العشرين يعني بداية الاستقلالية ، وسن الثلاثين يعني وضوح الرؤية، وسن الخمسين السباق في تدارك ما فات، وسن الستين كمال الوعي، فان سن الاربعين هو مزيج من عشرات الاشياء.

بداية، فالاربعين هو السن الوحيد الذي خصه القرآن بدعاء مميز، قائلا سبحانه
(حتى إذا بلغ اشده وبلغ أربعين سنة قال ربي اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه واصلح لي في ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين) فهو دعاء مؤثر يتضمن الشكر عما مضى، والدعاء للآتي، واعلان الولاء لهذا الدين.

في الاربعين يشعر الواحد منا وكأنه على قمة جبل، ينظر الى السفح الاول فيرى طفولته وشبابه ويجد ان مذاقهما لا يزال في اعماقه، وينظر الى السفح الآخر فيجد ما تبقى من مراحل عمره ويدرك كم هو قريب منها. انه العمر الذي يكون الانسان قادر فيه على ان يفهم كل الفئات العمرية ويعايشها ويتحدث بمشاعرها.


في الاربعين يبدأ الشيب ان لم يكن قد بدأ سابقا، ويبدأ كذلك ضعف البصر فيقبل كل منا على نظارة القراءة وتصبح جزء من محمولاته اليومية، وفي الاربعين نسمع لاول مرة من ينادينا في الاماكن العامة \\\"تفضل ياعمي\\\" ليجد وجوهنا مستغربة للنداء الجديد، وفي الاربعين يلتفت لنا من هم في الستين ليقولوا لنا: يابختكم مازلتم شباب، فيزداد استغرابنا.

في الاربعين تبدأ ازمة منتصف العمر، يبدأ السؤال القاسي بالظهور امام الانسان:
 ماذا انجزت في عملك؟ في اسرتك؟ في حياتك؟ في علاقتك مع ربك؟
 انه سؤال يهز القلوب ويشغل التفكير. المشكلة ان الايام مرت اسرع مما توقعنا،
فاثناء طفولتنا كنا ننظر لمن في الاربعين على انهم شبعوا من دنياهم، اما اليوم فنرى اننا لم نحقق الكثير مما وضعناه لانفسنا، وان السنوات تجري بنا ولا تعطينا فرصة لكي نصنع ما نريد.

في الاربعين ندرك القيمة الحقيقية للأشياء الرائعة التي تحيط بنا، ننظر إلى والدينا فنشعر انهما كنز علينا أن نؤدي حقه، والى أبنائنا فنراهم قد غدوا كإخوان لنا ينتظرون صحبتنا، ننظر الى الأخوان والأصحاب فنشعر بسرور غامر لوجودهم حولنا، كما ننظر الى تقصيرنا وأخطائنا فنرى انها لا تليق بمن هو في الأربعين يفترض الناس فيه الحكمة والتوازن.

في الأربعين يبدأ الحصاد، نشعر حقيقة أننا كنا كمن كان يجري ويجري، واليوم بدأ يخفف من جريه ويلتفت الى لوحة النتائج ليقرأ ملامحها الأولية، وهو يعلم ان النتائج النهائية لم تحسم بعد، الا ان التغيير بعد الأربعين ليس بسهولة ما قبلها.

ان الأربعين هي سن النبوة، كانت قبلها الإرهاصات والخلوات والرؤى تهئ النبي الكريم لتحمل تكاليف النبوة ومشاقها، وكان قبلها حسن سير رسولنا وخلقه وسيرته العطرة، ولكن النبوة بدأت في الاربعين لانه السن الذي يبدأ بعده الانسان بنفع من حوله،
فهل وعينا كل ذلك؟؟ 

تحية لكل من هم في الاربعين او تجاوزوها بقليل
او ما زالوا يحومون حولها،
ونلقاكم في الخمسين
ان امدنا الله بالعمر...

يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

شكرا لك ولمرورك