الحكاية الخرافية حكاية سردية قصيرة تنتمي صراحة إلى عالم الوهم من خلال اللجوء إلى الشخصيات الخيالية، والقبول بما يخالف الطبيعة (الخوارق), وتصوير العالم غير الواقعي (الشعري, الفنتازي, الأسطوري, الخرافي), والتقييد بالتصورات الموروثة.
وتتميز الحكاية الخرافية، كما يقول إمام عبد الفتاح إمام، بأنها «قصيرة، وتروى في الأعم الأغلب على لسان الحيوان أو بعض ظواهر الطبيعة»، وتنطوي على مضمون أخلاقي هو المغزى من الحكاية، ولهذا كانت أقرب إلى الدروس التي تريد أن تغرس في النشء بعض المفاهيم والقيم الأخلاقية، وليس من الضروري ان يكون الإنسان بدائياً أو قريباً من الحيوانات لكي يكتب هذه الحكايات الخرافية، كما يقول بعض النقاد،، فقد تكون من إبداع الطبقات الدنيا، والشرائح المهمشة في المجتمع، التي كانت تستخدمها في نقد علية القوم دون أن تعرض نفسها لخطر العقاب!
تعريف الحكاية الخرافية
القصة الخرافية شفوية في الأصل, تتميز بحضور الرواي صراحة فيها, وبتوجهه المباشر إلى القارئ, وهذا ما يفسر محافظتها على ضيغة واحدة للبداية (كان يا ما كان) وللنهاية (و عاشا في سبات ونبات وولدا صبيان وبنات) موضوعات القصة الخرافية مقتبسة عموما من التراث القومي, زمنها الماضي غير المحدد (في قديم الزمان..) مكانها من نسخ الخيال, شخصياتها بشرية و/ أو خرافية تنتمي إلى أعمار وطبقات اجتماعية مختلفة, قراؤها طوائف من الناس تجمعهم قيم اجتماعية وفكرية واحدة.
تتميز القصة الخرافية بأن الرواي لا يقدم الحدث كواقعة حقيقة. وهذا الفصل بين الحقيقة والوهم يسمح للحيوان والأشياء بأن تتكلم في الخرافة, وللقوى الغيبية بأن تظهر وتعمل وتشارك الإنسان في الأعمال والنوايا.
تعتمد القصة الخرافية على التركيز والوضوح والاكتفاء بالضروري من الكلام والرسم القوي للشخصية, وتحرص على اكتساب ثقة القارئ حين تسير الحكاية على حدود اللامعقول و المستحيل, وتحافظ على هذه الثقة إلى أن تقفل الحكاية على نفسها بعد أن تكون قدمت التسلية والإفادة.
هذه الثقة تقوم على نوع من التواطؤ بين الرواي والقارئ, رسم العرف حدوده وغايته.
أما الإفادة ففي المعرفة التي تنقلها القصة تحت ظاهرة الخرافة. فللقصة الخرافية غاية تعليمية تقوم على تلقين الفرد ثقافة مجتمعه وتقاليده ومفاهيمه الموروثة, وعلى توعيته على عالم الناس والواقع.
فاللجوء إلى الخرافة، والأسطورة هو أسلوب تعتمده، في الغالب، جماعة مضطهدة في مرحلة تاريخية ما لنقد الأوضاع الاقتصادية، والسياسية بصورة رمزية حتى تتجنب العقاب، على نحو ما فعل إخوان الصفاء في روايتهم للشكوى التي تقدمت بها الحيوانات إلى ملك الجان ضد ظلم الإنسان لها وتجبّره عليها! وحتى في عصرنا الراهن نجد بعض الشعراء والأدباء يستخدمون الرمز، ويوظفون الأسطورة والخرافات الشعبية لتمرير بعض الأفكار المعارضة، وذلك خشية من السلطات السياسية والدينية.
وتحمل هذه الحكايات، في ثناياها، وعظاً، وتوجيهاً، ومغزى أخلاقيا كما نلاحظ مثلا في كتاب «كليلة ودمنة» التي تروى على لسان الحيوانات، والتي ترجمها ابن المقفع إلى العربية في القرن الثامن، وكذلك ما ورد في حكايات «ألف ليلة وليلة» التي تعتبر من التحف الأدبية النادرة التي أبدعتها مخيلة الإنسان.
يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.