--> -->

قصة بشار بن برد مع زوجته

author image
صورة تعبيرية تمثل زوجة بشار بن برد وهي تنظر لزوجها من بعيد

في عالم الأدب العربي، لا تزال بعض العبارات تتردد أصداؤها حتى اليوم، منها ما يحمل الحكمة، ومنها ما ينضح بالتهكم والسخرية. ومن بين تلك العبارات، جاءت مقولة الشاعر العباسي المعروف بشار بن برد:
"ما أجملك في الحرام.. وما أقبحك في الحلال." عبارة صادمة، لكنها تكشف حالة نفسية واجتماعية فيها من التناقض والدراما ما يكفي لتتحول إلى قصة خالدة.

🕯️ القصة كما تُروى في كتب التراث الشعبي

تقول الرواية إن بشار بن برد، رغم زواجه، كان يُظهر إعجابًا بجارته الجميلة في المبنى ذاته، حتى إنه كان يتحرش بها ويتغزل بها علنًا. ورغم صدّها المتكرر له، قررت الجارة أن تشتكي لزوجته، التي لم تواجهه بل دبّرت معه خطة ذكية بالتعاون مع الجارة.

اقترحت الجارة أن تحدد له موعدًا، وطلبت منه أن يكون اللقاء في غرفتها، وفي الظلام التام "بدافع الحياء." فوافق بشار بلا تردد، ودخل الغرفة متحمسًا، حيث كانت الزوجة هي من تنتظره بدلًا من الجارة.

وبعد أن حصل ما حصل، أضاءت الزوجة الغرفة لتكشف الحقيقة، ليفاجأ بشار بأن من ظنّها "الجارة المحرّمة" كانت في الحقيقة "زوجته الحلال." وهنا خرجت عبارته الشهيرة بكل تلقائية:

"ما أجملك في الحرام.. وما أقبحك في الحلال!"

🧠 تحليل نفسي وثقافي للعبارة

  1. العبارة تختصر حالة التناقض العاطفي التي يعيشها الإنسان بين الرغبة والانتماء، بين الخيال والواقع.
  2. تعكس ظاهرة الانجذاب لما هو ممنوع، وما يُنظر إليه كـ"محرّم" أو "مثير"، مقابل تبلّد الإحساس بما هو معتاد ومباح.
  3. كما أن فيها سخرية من المؤسسة الزوجية التي، في بعض الحالات، تفقد بريقها لصالح الوهم والرغبة العابرة.

📚 رمزية أدبية في تاريخ الشعر العربي

بشار بن برد لم يكن شاعرًا عاديًا؛ بل اشتهر بجُرأته وتهكمه على المألوف. وهو القائل أيضًا:
"إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى، فكن حجرًا من يابس الصخر جلمدا."

ما يميّز قصته أنها لا تنفصل عن أسلوبه الشعري، حيث امتزجت المفارقة بالحكمة، والسقطة بالكشف، لتصبح جملة قصيرة تحمل خلفها نقدًا اجتماعيًا مريرًا.

🔍 لماذا يشتهي الإنسان ما لا يملكه؟

هذه الظاهرة ليست غريبة، بل تتكرر عبر الثقافات والتاريخ، ويمكن وصفها عبر عدة زوايا:
نظرية "الإثارة بالممنوع": النفس البشرية تميل إلى إدراك ما هو محظور أو غير مُتاح كأكثر إثارة أو جاذبية، لأنه يحمل عنصر التحدي والغموض.

1️⃣ الملل من المألوف: مع مرور الوقت، يُصبح "الحلال" أو "المتاح" جزءًا من الروتين، فتفقد الأشياء بريقها، بينما يبقى "الآخر" حقلًا للخيال والتوقعات غير المجربة.

2️⃣الإسقاط الرغبي: الإنسان أحيانًا يُسقط رغباته ومثالياته على الآخر المجهول، حتى لو لم يكن ذلك الآخر أفضل فعلًا؛ لكنه يلبّي تلك الرغبة المكبوتة أو الصورة المُتخيلة.

3️⃣الهروب من الذات: في لحظات الضجر أو ضعف الإرادة، يلجأ البعض إلى التعلق بما هو خارج حدودهم لإشباع حاجة نفسية أو شعور بنقص داخلي.


ما أجملك في الحرام .. وما أقبحك في الحلال !!