إنه الدلافين هي تلك الكائنات الجميلة والودودة التي ترسم الابتسامة على وجوهنا بمجرد أن ننظر إليها، لبشاشتها وجمالها ، والتي لطالما أثارت اهتمامنا بتصرافتها التي تدل على ذكاء غير مألوف لم نعتد عليه لدى غير البشر!
لكن بقدر ما يعرف أغلبنا الدلافين باسمها وشكلها المميز، بقدر ما لا يعرف الكثيرون منا عن حقيقة هذه الكائنات الساحرة التي ستكتشفون اليوم أنها أغرب وأروع بكثير مما كنا نتخيل.
سوف نقوم بالذهاب الى رحلة جميلة لإستكشاف عالم الدلافين ، ما يتعلق بها من اسرار قد لا يعرفها البعض ، لنبدأ اذن..
على الرغم من أن الدلافين تعيش في الماء وتشبه الأسماك بتصرفاتها، إلا أنها في الحقيقة من الثدييات التي تلد وتُرضع أطفالها، وتتنفس الهواء مثلنا تماماً لأن لها رئة (ولا يوجد لها خياشيم مثل الأسماك الاخرى)!
(صورة حقيقية لجنين دولفين داخل رحم أمه!) |
ولذا تصعد الدلافين إلى سطح الماء بين الحين والآخر لتستنشق الهواء من خلال فتحة أعلى جسمها توصل الهواء إلى رئتها مباشرةً. وتستطيع الدلافين الغوص تحت سطح الماء ما ين 15 إلى 30 دقيقة قبل الحاجه إلى الحصول على الهواء مجدداً.
والدولفين ليس نوعاً واحداً، بل يوجد أكثر من 40 نوع من أنواع الدلافين، يعيش بعضها في المياه العذبة الصافية (مياه الأنهار)، وتتميز أغلبها بجسمها الرشيق وفكها الذي يشبه منقار الطيور، وتتغذى على الأسماك الصغيرة والحبار.
أثبتت الدراسات العلمية ان الدلافين تتمتع بنظام اتصال ليس له مثيل لدى الكائنات الحية الاخرى ، وتستطيع الدلافين من خلال هذا النظام التخاطب فيما بينها، لدرجة أن العلماء اثبتوا أن الدلافين تقوم بإلقاء التحية على بعضها البعض (..)، ومناداة بعضها بالأسماء مثل البشر!! (2)
وتتمتع الدلافين كذلك بنظام توجيه راداري يشبه السونار الذي تستخدمه السفن والغواصات، لتستطيع تحديد الخطر الذي يحيط بها، ولتحديد أماكن الطعام!
وتتميز الدلافين بأنهاء كائنات اجتماعية تعيش في جماعات من 10 لـ12 فرد من أجل الحماية وتوفير الغذاء، والعجيب أن لهذه الجماعات قيم ومبادئ بدأنا نفقدها نحن البشر، حيث تبقى الإناث والمواليد الجدد في مركز الجماعة للحماية، وحين يمرض أو يصاب أحد أفراد هذه الجماعة لا تتركه وحيداً بل يبقى معاها حتى يموت!
تتميز الدلافين كذلك بأنها كائنات ودودة ولطيفة تحب اللعب والمرح، لطالما حيرت الدلافين العلماء بذكائها المدهش، فهي ليست قادرة على حل المشكلات المعقدة فقط، بل قادرة كذلك على إيجاد حلول خلاقة ومبدعة للمشاكل التي تواجهها!
والغريب أن الأمر لا يتوقف عند الذكاء فقط، بل يكتشف العلماء يوماً بعد يوم أن الدلافين تتمتع بقيم ومبادئ راقية مثل الإيثار!
فكثيرًا ما سُجلت حوادث أنقذت فيها الدلافين بشراً وكائنات أخرى (مثل الحيتان) من الأخطار التي واجهتها، ومن هذه الحوادث الشهيرة ما حدث في البحر الأحمر في العام 1996، حينما كان أحد الأشخاص يسبح مع صديقه ومجموعة من الدلافين، وما أن انتهوا من السباحة وابتعد صديقه قليلاً مع الدلافين حتى فوجئ بسمكة قرش تهاجمه. وحينها فر صديقه إلى قاربهما بينما هرعت الدلافين إلى الشخص المصاب لتسحبه سريعاً إلى بر الأمان!
ومن الحوادث الغامضة والعجيبة كذلك ما حدث في نيوزيلندا في العام 2005 حين كان مجموعة من رجال الإنقاذ البحري يتدربون على السباحة في المياه المفتوحة، حين فوجئوا بمجموعة من الدلافين تحيط بهم من كل الاتجاهات وتدور حولهم بطريقة بدت لهم كما لو كانت عدوانية!
وحينها حاول أحدهم الخروج من هذا الحصار، ليفاجأ بوجود سمكة قرشة عملاقة بالقرب منهم!
وما أن ذهبت سمكة القرش بعيداً حتى اختفت الدلافين من حول السباحين ليعودوا سالمين إلى قاربهم! (3)
فكيف استوعبت الدلافين أن هؤلاء السباحين في خطر ويجب عليها حمايتهم؟
وما الذي دفعها للمغامرة بحياتها في معركة ليست معركتها؟
ولماذا يجب عليها مساعدة إنسان في الوقت الذي فر فيه أخوه الإنسان من مساعدته؟!
أسئلة كثيرة حيرتنا وخيرت العلماء منذ عقود، ولا زلنا لم نجد لها إجابة حتى يومنا هذا !..لكنه خلق الله، فأروني ماذا خلق الذين من دونه؟!
والسؤال هنا: كيف تعامل الإنسان مع هذه الكائنات الرائعة؟
قام الإنسان بثلاثة أمور:
الأمر الأول هو تعذيبها وقتلها في مذابح رهيبة كتلك التي حدثت في الدنمارك
الأمر الثاني هو قتلها بشباك الصيادين التي تتسبب في مقتل 300,000 من رتبة الحيتان كل عام (4)، بجانب تدمير البيئة التي تعيش فيها، واصطياد الأسماك التي تشكل مصدر غذائها!
الأمر الثالث هو أن الجيوش الكبرى استغلت ذكاء الدلافين لتدريبها على القتل وعلى العمليات الانتحارية لمهاجمة السفن، حيث اكتشفوا أن الدلافين ذكية كفاية لتعرف الفرق بين السفن الروسية والسفن الأمريكية من خلال أصوات محركاتها! (5)
ليس هذا فقط، بل هل تعلمون أن الدلافين شاركت في حرب اختلال العراق لإزالة الألغام من ميناء أم قصر جنوب العراق؟! (6)
هذا هو ما فعله الإنسان مع هذه الكائنات الرائعة التي لم تتردد يوماً عن المغامرة بحياتها لإنقاذ الإنسان، الذي لم يتردد كذلك عن تعذيبها وقتلها وتدمير بيئتها!
لكن كيف يمكننا أن نساعد في حماية الدلافين؟
يمكننا المشاركة في حمايتها من خلال أن نعرف المزيد عنها، وأن نشجع الآخرين على معرفة المزيد من المعلومات عنها. وأن نهتم بعدم تلويث البيئة التي نعيش فيها، لأننا لا نعيش على هذا الكوكب وحدنا! وتذكروا دائماً أن التغيير يبدأ بالفرد!
يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.