خجل الابناء من مهن أباءهم



غالباً في جلسات التعارف التي تحدث بين الفتيان والفتياة ما يطرح سؤال ما هو عمل والدك أو ماذا تعمل والدتك وهكذا ، لكن هنالك بعض الفتية اللذين يحاولون الهروب من الإجابة على هذا السؤال بل ويضيق صدره من مجرد سماعه.

يعمل والد "فائزة" عمرها 14 عام في مهنة غسيل الموتى ، وعند سؤال "فائزة" من قبل زميلاتها عن ذلك فهي تفضل عدم الإجابة ، وتقول إن مصدر خجلي هو اعتقاد الناس بأن هذه المهنة مدعاة للتشاؤوم والإحباط.

في حقيقة الأمر إن الآباء والامهات يجهدون ويكدون في تربية أبنائهم بحيث يزرعون فيهم الفضيلة وحسن الاخلاق، ويبثون فيهم مع كل لحظة المبادئ والأخلاق والسلوكيات الحميدة التي تجعل لهم قيمة في المجتمع، ومع ذلك كله فإن هنالك أبناء لا يعترفون بهذه المثل العليا ، ولا القيم المثلى التي سبق ان تحدثنا عنها ، بل إن هنالك ابناء يخجلون من مهن والديهم ويحرصون على إخفائها .

إن هذه الفكرة تلعب دورا كبيرا في شخصية الطفل ، فهي تؤثر عليه سلبا او ايجاباً ، فبعض الأطفال يصاب بضعف في بناء شخصيته ، كون شخصيته امتدادا لشخصية والديه فيتأثر بعملهما وطابعهما الشخصي ، لكن مع مرور الوقت وبلوغ الطفل وتقدمه بالعمرتبدأ هذه المشكلة بالانحسار حيث تصبح له شخصيه مستقلة ومستقرة كذلك .

يقول اطباء علم النفس إن لهذه المشكلة بعدين :أولهما البعد الديني وهو جزء من ثقافة المجتمع ، الذي يحض على العمل الشريف مهما كانت مكانته، وهو فرض وواجب على كل منّا، أما البعد الثاني فهو النظرة الاجتماعية فثمة تفضيلات للعمل في المجتمع.

ويشير الباحثون في هذا الموضوع الى أن المكانة الاجتماعية للعمل مرتبطة بثلاثة عناصر رئيسية؛ أولها أرقام هذا الدخل الآتية من العمل، ثانيها الألقاب التي تسبق الاسم، وثالثها السلطة التي يتمتع بها هذا الموظف.

كما يضاف بأن المكانة الاجتماعية تتدرج من الأعلى التي تحتوي على العناصر الثلاثة السابقة، وتقل نوعا ما، إذا احتوت على عنصرين فقط، وتضعف جدا إذا حصلت على عنصر واحد.

انا اعتقد بأن هذه الدراسات واقعية للغاية فالمجتمع هو الذي يفرض على الاشخاص المعتقدات التي يكتسبها ، فإني اذكر عندما كنت في المدرسة عاقب المعلم الطلاب بتنظيف ساحة المدرسة ، أي أن عملية التنظيف كانت عقاب ، فهذا يزرع في نفوسنا أن مهنة عامل النظافة هي ليست مهنة بل عقوبة ، وهنا يبرز دور المجتمع المحلي ، في محاربة هذه الظاهرة النفسية .

يجب أن تكون هناك منظومة تربوية عند الأهل والأسرة ومؤسسات المجتمع المدني، للاعتراف بأن العمل له قيمة وأنه عبادة، ومن المهم الابتعاد عن الحرام، وعن أي شيء يخدش الذوق العام .

يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

شكرا لك ولمرورك