الفيلسوف (روجيه غارودي)


ولد غارودي في فرنسا، من أم مسيحية كاثوليكيه وأب ملحد (لا يوجد له دين) ، اعتنق البروتستانتية وهي احدى مذاهب المسيحية  وهو في سن الرابعة عشرة ، درس في كل من جامعتي مرسيليا وإيكس أن بروفانس وانضم إلى صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي، وفي عام 1937 عين أستاذا للفلسفة في مدرسة الليسيه من ألبي.

في فترة الحرب العالمية الثانية أُخذ كأسير حرب لفرنسا الفيشية (حكومة فيشي الموالية لألمانيا ) في الجلفة بالجزائر بين 1940 و1942. وفي عام 1945 انتخب نائبا في البرلمان، وصدر أول مؤلفاته عام 1946، حصل جارودي على درجة الدكتوراه الأولى سنة 1953 من جامعة السوربون تحت عنوان "النظرية المادية في المعرفة" ،  ثم حصل على درجة الدكتوراه الثانية عن "الحرية" عام 54 من موسكو.

لقد تسببت انتقاداته الدائمة للحزب للاتحاد السوفييتي بطرده من الحزب الشيوعي الفرنسي عام 1970م وذلك لانتقاداته المستمرة للاتحاد السوفياتي، وفي ذات السنة أسس غارودي مركز الدراسات والبحوث الماركسية وبقي مديرا له لمدة عشر سنوات.

وبما أنه كان عضو في الحوار المسيحي-الشيوعي في فترة الستينيات، فقد وجد نفسه مجذوباً للدين من خلال محاولاته التقريب بين الكاثوليكية و الشيوعية خلال عقد السبعينيات. وبدأ يميل شيئاً فشيئا إلى الإسلام في هذه الفترة.


في 2 يوليو 1982 أشهر جارودي إسلامه ، في المركز الإسلامي في جنيف ، وكان ذلك بمنزلة الصاعقة على اصدقاءه ، يقول روجيه جارودي عن سبب إسلامه: كنت مع مجموعة الجنود الفرنسيين الذين كانوا يقاتلون المسلمين في الجزائر خلال الثورة الجزائرية في عام 1960، وتم القبض عليَّ بواسطة مجموعة من المجاهدين المسلمين، وذهب بي أحدهم ليتولى إعدامي في الجبل، وحين انفردت به سألني: "هل معك سلاح؟" فقلت له: "لا، ليس معي سلاح" ، فقال هذا المجاهد: "وكيف أقتل رجلاً ليس معه سلاح؟!" وقام بأطلاق سراحي!


قال جارودي: "وبقيَتْ هذه القصة تتفاعل في ضميري سنين كثيرة، أتذكرها بشكل دائم ، حتى قمت بدراسة الإسلام ، فأيقنت أن هذا المجاهد كان ينطلق في تصرفه معي من واقع العقيدة والأخلاق الإسلامية، فكان لهذا الحادث أثر بالغ في إسلامي "الذي هز العالم بأسره". 
صورة جارودي مع زوجته الفلسطينية سلمى الفاروقي
لقد كان للفيلسوف غارودي موقف واضح من القضية الفلسطينية ، قضية الاسلام المركزية ، بعد مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان أصدر غارودي بيانا احتل الصفحة الثانية عشرة من عدد 17 حزيران 1982 من جريدة اللوموند الفرنسية بعنوان معنى العدوان الإسرائيلي بعد مجازر لبنان وقد وقع البيان مع غارودي كل من الأب ميشيل لولون والقس إيتان ماتيو. وكان هذا البيان بداية صدام غارودي مع المنظمات الصهيونية التي شنت حملة ضده في فرنسا والعالم كله. 



في عام 1998 حكمت محكمة فرنسية على جارودي بتهمة التشكيك في محرقة اليهود في كتابه الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل، حيث شكك في الأرقام الشائعة حول إبادة يهود أوروبا في غرف الغاز على أيدي النازيين ، وصدر بذلك ضده حكما بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ.



ظلّ ملتزما بقيم العدالة الاجتماعية التي آمن بها في الحزب الشيوعي، ووجد أن الإسلام لا يتعارض مع هذه القيم ، كما ان الاسلام ينسجم مع ذلك ويطبقه. ظلّ على عدائه للإمبريالية والرأسمالية، وبالذات لأمريكا التي كان يعتبرها رمزا من رموز الامبريالية.


وفي كتاب الإسلام دين المستقبل يقول جارودي عن شمولية الإسلام: "أظهر الإسلام شمولية كبرى عن استيعابه لسائر الشعوب ذات الديانات المختلفة ، فقد كان أكثر الأديان شمولية في استقباله للناس الذين يؤمنون بالتوحيد وكان في قبوله لاتباع هذه الديانات في داره منفتحا على ثقافاتهم وحضاراتهم والمثير للدهشة انه في اطار توجهات الإسلام استطاع العرب آنذاك ليس فقط إعطاء إمكانية تعايش تمازج فيما بين الحضارات. بل أيضا إعطاء زخم قوي للايمان الجديد: الإسلام. فقد تمكن المسلمون في ذلك الوقت من تقبل معظم الحضارات والثقافات الكبرى في الشرق وأفريقيا والغرب وكانت هذه قوة كبيرة وعظيمة له، وأعتقد ان هذا الانفتاح هو الذي جعل الإسلام قويا ومنيعا".



غارودي في احد الاجتماعات عن فلسطين

حظي غارودي بجائزة الملك فيصل العالمية سنة 1985 عن خدمة الإسلام وذلك عن كتابيه Promesses de l'Islam (ما يعد به الإسلام) و L'Islam habite notre avenir (الإسلام يسكن مستقبلنا) ولدفاعه عن القضية الفلسطينية ، حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة قونيا في تركيا سنة 1995.


لقد قام غارودي بتأليف عدة مؤلفات قبل وبعد اسلامه ، ومن أهم مؤلفات جارودي بعد اسلامه الكتب التالية:


  1. وعود الإسلام
  2. الإسلام دين المستقبل
  3. المسجد مرآة الإسلام
  4. الإسلام وأزمة الغرب
  5. حوار الحضارات
  6. كيف أصبح الإنسان إنسانيا
  7. فلسطين مهد الرسالات السماوية.
  8. مستقبل المرأة وغيرها
  9. المسجد مرآة الإسلام (Mosquée, miroir de l'Islam).
  10. جولتي وحيدا حول هذا القرن (Mon tour du siècle en solitaire)
  11. فلسطين مهد الرسالات السماوية (Palestine, terre des messages divins).
  12. "الولايات المتحدة طليعة التدهور" 1997
  13. الإرهاب الغربي 2004.
توفي في الرابع من حزيران من عام 2012 في العاصمة الفرنسية باريس عن عمر 99 عاما بعد حياة فكرية حافلة، كرس جلها للدفاع عن الدين الإسلامي والقيم الإنسانية، ومناهضة الإمبريالية والصهيونية، والتي عانى بسببها في فرنسا وأوروبا.

رحم الله غارودي لقد كانت حياته في خدمة الإسلام والمسلمين والدفاع عن قضايا هذه الأمة ، رحمه الله رحمة واسعة.






يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

شكرا لك ولمرورك