--> -->

طفولة وشباب أدولف هتلر: الجذور النفسية لزعيم نازي غيّر مجرى التاريخ

author image

النشأة العائلية: سيرة موجزة للوالدين والإخوة

أدولف ألويس هتلر (بالألمانية: [ˈadɔlf ˈhɪtlɐ]؛ 20 أبريل 1889 - 30 أبريل 1945)، هو الابن الرابع لألويس وكلارا هتلر. وُلد في النمسا، وقد فقد اثنين من إخوته في طفولته نتيجة اختناقهما، فيما توفي شقيقه الآخر عند ولادته.
وصفت خادمة منزلهم والده بقولها: "كان رجلاً صارمًا جدًا، لكنه مريح جدًا في الوقت نفسه".
لكن الأب كان كثير الضرب لأدولف في طفولته، واستمر ذلك حتى مرحلة شبابه، ما ترك أثرًا نفسيًا عميقًا في نفسه.


الطفولة المبكرة: انتقالات وهروب من القسوة

عندما بلغ أدولف الثالثة من عمره، انتقل مع أسرته إلى مدينة باساو على نهر الأن، وهناك عاش طفولته.
من الأمور التي قد تثير الدهشة أن حلم هتلر في صغره كان أن يصبح كاهنًا، رغم أنه عُرف لاحقًا بأنه واحد من أكثر الزعماء عنفًا في التاريخ.


المراهقة ومأساة الفقد: المرض والانقطاع عن التعليم

توفي والده عام 1903 إثر إصابته بنزيف في الجنبة (نزيف في الرئة)، وقد كان أدولف يعاني بدوره من التهابات رئوية متكررة.
ترك المدرسة في سن السادسة عشرة، ويعود السبب إلى أحد احتمالين:
إما وضعه الصحي المتدهور بسبب الرئة، أو بسبب سوء حالته المادية بعد وفاة والده.


مأساة الأم وعلاجها على يد طبيب يهودي

رقدت والدته في الفراش بسبب إصابتها بسرطان الثدي، ما دمّر نفسية هتلر.
أشرف على علاجها طبيب يهودي يُدعى إدوارد بلوخ، وقد خضعت لعملية استئصال للورم، ثم لجلسات علاجية مؤلمة ومكلفة.
رغم معاناتها، أُعطيت دواء خطيرًا لم تكن بحاجة إليه، مما أدى إلى وفاتها في 21 ديسمبر 1907.
أثرت هذه التجربة في هتلر بشدة، وكانت من العوامل التي غذّت كراهيته لليهود لاحقًا.


تجربة فيينا: فنان فاشل وكراهية متصاعدة

في عام 1909، ظهرت موهبة هتلر الفنية، وبدأ بتلقي تدريبات في الرسم. حاول مرارًا دخول أكاديمية الفنون الجميلة في فيينا، لكنه قوبل بالرفض.
أدى هذا الرفض إلى تدهور حالته النفسية والمالية، واضطر للعيش في الملاجئ.
خلال تلك الفترة، تطورت لديه مشاعر الكراهية تجاه اليهود، خاصة بعد أن رأى - حسب اعتقاده - أنهم يسيطرون على الحياة السياسية والثقافية.


الهروب إلى ميونيخ والنجاة من الخدمة العسكرية

في مايو 1913، غادر فيينا وانتقل إلى ميونيخ، عاصمة بافاريا، هربًا من الخدمة العسكرية في الجيش النمساوي.
في يناير من العام التالي، وصلته مذكرة من الحكومة النمساوية تطالبه بالمثول للتحقيق بتهمة التهرب من التجنيد.
تم اقتياده إلى القنصلية النمساوية، وخضع للفحص الطبي في سالزبورغ، حيث تم الحكم بعدم صلاحيته للخدمة.


الحرب العالمية الأولى: تحوّل الشاب إلى جندي

مع بداية الحرب العالمية الأولى، تطوّع هتلر للجيش الألماني، وخضع لتدريب لمدة شهرين في سلاح الاتصالات.
شارك في معركة "إيبر" ضد البريطانيين والبلجيكيين، وهناك رأى الموت بأم عينه.
في أكتوبر 1919، تعرّض لهجوم بغاز الخردل في بلجيكا، ما سبب له العمى المؤقت.


ملامح شخصية هتلر في شبابه

كانت مرحلة طفولة وشباب هتلر مليئة بالحزن والصدمات والمفارقات.
قاسى من الضرب، والفقر، والمرض، والفقد، والرفض المهني، والاضطرابات النفسية.
كل ذلك كوّن شخصية تميل إلى الانغلاق، العنف، والغضب الموجه، خاصة ضد من اعتبرهم خصومًا عرقيين أو سياسيين، مثل اليهود.


الخاتمة: كيف صنعت المعاناة زعيمًا قاتلًا؟

من خلال هذه الرحلة القاسية في طفولته وشبابه، نرى أن أدولف هتلر لم يكن مجرمًا بالفطرة، بل نتيجة سلسلة طويلة من التجارب المؤلمة، والتربية القاسية، والانكسارات النفسية.
هذه النشأة كوّنت داخله نزعة للسيطرة والتفوق والانتقام، وهو ما ظهر لاحقًا في سياساته العنيفة والإبادة الجماعية التي قادها ضد اليهود وغيرهم.
فهم هذه المرحلة ضروري لتحليل أسباب صعوده، وتفادي تكرار التاريخ المظلم مرة أخرى.