ميخائيل نعيمة (1889 - 1988) شاعر ومفكر لبناني وهو من مؤسسي النهضة الفكرية والثقافية الحديثة والمعاصرة، وأحدث يقظة فكرية وقاد إلى التجديد، وأفردت له المكتبة العربية مكاناً كبيراً لما لكتبه من اهمية فهو شاعر وقاصّ ومسرحيّ وناقد وكاتب مقال ومتأمّل في الحياة والنفس الإنسانية، وقد ترك خلفه آثاراً عربية وإنجليزية وروسية؛ وهي كتابات تشهد له بالامتياز وتحفظ له المنزلة السامية في عالم الفكر والأدب العالمي.
ولد في بسكنتا في جبل صنين في لبنان في شهر تشرين الأول من عام 1889 وأنهى دراسته المدرسيّة في مدرسة الجمعية الفلسطينية فيها، تبعها بخمس سنوات جامعية في بولتافيا الأوكرانية بين عامي 1905 و 1911 حيث تسنّى له الاضطلاع على مؤلّفات الأدب الروسي، ثم أكمل دراسة الحقوق في الولايات المتحدة الأمريكية (منذ كانون الأول عام 1911) وحصل على الجنسية الأمريكية. انضم إلى الرابطة القلمية التي أسّسها أدباءٌ عرب في المهجر وكان نائباً لجبران خليل جبران فيها. عاد إلى بسكنتا عام 1932 واتسع نشاطه الأدبي. لقّب ب"ناسك الشخروب"، توفي في 22 فبراير1988.
يتصف نعيمة من خلا كتاباته بأنه كان كان بعيدا كل البعد عن التعصب المذهبي والديني – وقد تأثّر في هذاالمجال بالمجازر التي حدثت في وطنه في أواخر القرن التاسع عشر بين المسيحيين والدروز، وبين المسلمين. وقد حاول تخليص الأدب العربي من الزخارف والكلام الزائد، والاقتراب بالأسلوب من تصوير واقع الأشياء والأحداث.
وقد حاول الاستفادة من دراساته الغربية والشرقية، في تطوير كتابة القصة القصيرة التي تصور الواقع، ثم محاولة كتابة السيرة الذاتية كما فعل في كتابه (سبعون) الذي دوّن فيه مسيرة عمره على مدى سبعين سنة.
حاول أن يضع أصولاً جديدة في النقد الأدبي العربي تقوم على أن يكون الأدب مسايراً للحياة وعاملاً على تطويرها، والابتعاد عن إعادة الحديث في موضوعات معادة ومكررة. وكان كتابه النقدي المشهور الغربال، هو خير دليل على محاولة أن يكون الأدب مطوراً للحياة، ولا يكون صدى لها.
تلمس في أدبه مشاكل الطبقات الكادحة المهمشة، وكتب عدة قصص في هذا المجال تصور حياة العمال والمشردين والغرباء.
دعا إلى أن يكون الأديب رسولا في الأمة، يحمل همومها ويصارع من أجل تحقيق ما يرفع من شأن الأمة وينهض بها بين الأمم.
التزم صدق التصوير في قصصه، وابتعد عن المبالغة لذا جاءت قصصه أقرب إلى الصدق النفسي والفني في آن معاً.
يعتبر مجدداً بالنسبة لاستعمال الألفاظ والأساليب التي تكون أقرب إلى الوفاء بالمعنى الذي يريده، ولو اعتبرها بعض الناس لغة تقترب من لغة العوام.
آمن نعيمة بأن الشاعر أو الكاتب المبدع المعاصر يستطيع أن يولد من الألفاظ التي تلزمه في نقل فكرة أو شعوره، ما لم يكن موجوداً في اللغة، لأنه من أبناء الأمة، ويحق له أن يفعل ما فعله من سبقه من الشعراء والأدباء السابقين.
يتصف أسلوبه بالنزعة – الميل إلى الصوفية، بساطة العيش، ونقاء النفس، وبذلك عائد إلى دراساته العميقة للديانات المختلفة الإسلامية والمسيحية، والأديان الأخرى غير السماوية.
يتميز أسلوبه بالبساطة والوضوح، والصراحة أيضاً، وخاصة في مجال الوصف أو السرد أو التصوير، في القصص وبعض رواياته، وكثير من مقالاته النقدية والفكرية والجمالية ، كما لديه ميل واضح إلى الاقناع، والمجادلة العقلية السهلة ، يميل أسلوبه إلى التفاؤل، وإلى التبشير بالخير والحب والجمال.
نشر نعيمة مجموعته القصصية الأولى سنة 1914 بعنوان "سنتها الجديدة"، وكان حينها في أمريكا يتابع دراسته، وفي العام التالي نشر قصة "العاقر" وانقطع على ما يبدو عن الكتابة القصصية حتى العام 1946 إلى أن صدرت قمة قصصه الموسومة بعنوان "مرداد" سنة 1952، وفيها الكثير من شخصه وفكره الفلسفي. وبعد ستة أعوام نشر سنة 1958 "أبو بطة"، التي صارت مرجعاً مدرسياً وجامعياً للأدب القصصي اللبناني - العربي النازع إلى العالميّة، وكان في العام 1956 قد نشر مجموعة "أكابر" "التي يقال أنه وضعها مقابل كتاب النبي لجبران".
سنة 1949 وضع نعيمة رواية وحيدة بعنوان "مذكرات الأرقش" بعد سلسلة من القصص والمقالات والأشعار التي لا تبدو كافية للتعبير عن ذائقة نعيمة المتوسّع في النقد الأدبي وفي أنواع الأدب الأخرى.
"مسرحية الآباء والبنون" وضعها نعيمة سنة 1917، وهي عمله الثالث، بعد مجموعتين قصصيتين فلم يكتب ثانية في هذا الباب سوى مسرحية " أيوب " صادر/بيروت 1967.
ما بين عامي 1959 و 1960 وضع نعيمة قصّة حياته في ثلاثة أجزاء على شكل سيرة ذاتية بعنوان "سبعون"، ظناً منه أن السبعين هي آخر مطافه، ولكنه عاش حتى التاسعة والتسعين ، وبذلك بقي عقدان من عمره خارج سيرته هذه.
كما كتب مجموعته الشعرية الوحيدة هي "همس الجفون" وضعها بالإنكليزية، وعرّبها محمد الصابغ سنة 1945؛ إلا أن الطبعة الخامسة من هذا الكتاب (نوفل/بيروت 1988) خلت من أيّة إشارة إلى المعرّب ؛ كما كتب قصيدة النهر المتجمد. ولديه العديد من المؤلفات في مجال الدراسات والمقالات والنقد والرسائل وضع ميخائيل نعيمة ثقله التأليفي (22 كتاباً)، نوردها بتسلسلها الزمني:
كان ما كان 1932.
المراحل، دروب 1934.
جبران خليل جبران 1936.
زاد المعاد 1945.
البيادر 1946.
كرم على درب الأوثان 1948.
صوت العالم 1949.
النور والديجور 1953.
في مهبّ الريح 1957.
أبعد من موسكو ومن واشنطن 1963.
اليوم الأخير 1965.
هوامش 1972.
في الغربال الجديد 1973.
مقالات متفرقة، يا بن آدم، نجوى الغروب 1974.
مختارات من ميخائيل نعيمة وأحاديث مع الصحافة 1974.
رسائل، من وحي المسيح 1977.
ومضات، شذور وأمثال، الجندي المجهول.
الغربال
سبعون.
همس الجفون
وقد قام ميخائيل نعيمة بتعريب كتاب "النبي" لجبران خليل جبران، كما قام آخرون من بعده بتعريبه (مثل يوسف الخال، نشرة النهار)، فكانت نشرة نعيمة متأخرة جداً (سنة 1981)، وكانت شهرة "النبي" عربياً قد تجاوزت آفاق لبنان.
يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.