بك أستجير (ابن الفارض)


بك أستجير ومن يجير سواكا *** فأجر ضعيفا يحتمي بحماك 

إني ضعيف أستعين على قوى *** ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا 

أذنبت ياربي وآذتني ذنوب *** مالها من غافر إلا كا 

دنياي غرتني وعفوك غرني *** ماحيلتي في هذه أو ذا كا 

لو أن قلبي شك لم يك مؤمنا *** بكريم عفوك ما غوى وعصاكا 

يا مدرك الأبصار ، والأبصار لا *** تدري له ولكنه إدراكا 

أتراك عين والعيون لها مدى *** ما جاوزته ، ولا مدى لمداكا 

إن لم تكن عيني تراك فإنني *** في كل شيء أستبين علاكا 

يامنبت الأزهار عاطرة الشذا *** هذا الشذا الفواح نفح شذاكا 

يامرسل الأطيار تصدح في الربا *** صدحاتها إلهام [. ...] 

يامجري الأنهار : ماجريانها *** إلا انفعالة قطرة لنداكا 

رباه هأنذا خلصت من الهوى *** واستقبل القلب الخلي هواكا 

وتركت أنسي بالحياة ولهوها *** ولقيت كل الأنس في نجواكا 

ونسيت حبي واعنزلت أحبتي *** ونسيت نفسي خوف أن أنساكا 

ذقت الهوا مراً ولم أذق الهوى *** يارب حلواً قبل أن أهواكا 

أنا كنت ياربي أسير غشاوة *** رانت على قلبي فضل سناكا 

واليوم ياربي مسحت غشاوتي *** وبدأت بالقلب البصير أراكا 

ياغافر الذنب العظيم وقابلا *** للتوب: قلب تائب ناجاكا 

أترده وترد صادق توبتي *** حاشاك ترفض تائبا حاشاك 

يارب جئتك نادماً أبكي على *** ما قدمته يداي لا أتباكى 

أنا لست أخشى من لقاء جهنم *** وعذابها لكنني أخشاكا 

أخشى من العرض الرهيب عليك يا *** ربي وأخشى منك إذ ألقاكا 

يارب عدت إلى رحابك تائباً *** مستسلما مستمسكاً بعراكا 

مالي وما للأغنياء وأنت يا *** رب الغني ولا يحد غناكا 

مالي وما للأقوياء وأنت يا *** ربي ورب الناس ماأقواكا 

مالي وأبواب الملوك وأنت من *** خلق الملوك وقسم الأملاكا 

إني أويت لكل مأوى في الحياة *** فما رأيت أعز من مأواكا 

وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة *** فلم تجد منجى سوى منجاكا 

وبحثت عن سر السعادة جاهداً *** فوجدت هذا السر في تقواكا 

فليرض عني الناس أو فليسخطوا *** أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا 

أدعوك ياربي لتغفر حوبتي *** وتعينني وتمدني بهداكا 

فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي *** ماخاب يوما من دعا ورجاكا 

يارب هذا العصر ألحد عندما *** سخرت ياربي له دنياكا 

علمته من علمك النوويَّ ما *** علمته فإذا به عاداكا 

ما كاد يطلق للعلا صاروخه *** حتى أشاح بوجهه وقلاكا 

واغتر حتى ظن أن الكون في*** يمنى بني الانسان لا يمناكأ 

و ما درى الانسان أن جميع ما *** وصلت إليه يداه من نعماكا؟ 

أو ما درى الانسان أنك لو أردت *** لظلت الذرات في مخباكا 

لو شئت ياربي هوى صاروخه *** أو لو أردت لما أستطاع حراكا 

يأيها الانسان مهلا وائتئذ *** واشكر لربك فضل ماأولاكا 

واسجد لمولاك القدير فإنما *** مستحدثات العلم من مولاكا 

الله مازك دون سائر خلقه *** وبنعمة العقل البصير حباكا 

أفإن هداك بعلمه لعجيبة *** تزور عنه وينثني عطفاكا 

إن النواة ولكترنات التي *** تجري يراها الله حين يراكا 

ماكنت تقوى أن تفتت ذرة *** منهن لولا الله الذي سواكا 

كل العجائب صنعة العقل الذي *** هو صنعة الله الذي سواكا 

والعقل ليس بمدرك شيئا اذا *** مالله لم يكتب له الإدراكا 

لله في الآفاق آيات لعل *** أقلها هو ما إليه هداكا 

ولعل ما في النفس من آياته *** عجب عجاب لو ترى عيناكا 

والكون مشحون بأسرار إذا *** حاولت تفسيراً لها أعياكا 

قل للطبيب تخطفته يد الردى *** ياشافي الأمراض : من أرداكا؟ 

قل للمريض نجا وعوفي بعد ما *** عجزت فنون الطب : من عافاكا؟ 

قل للصحيح يموت لا من علة *** من بالمنايا ياصحيح دهاكا؟ 

قل للبصير وكان يحذر حفرة ***فهوى بها من ذا الذي أهواكا؟ 

بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام *** بلا اصطدام : من يقود خطاكا؟ 

قل للجنين يعيش معزولا بلا *** راع ومرعى : مالذي يرعاكا؟ 

قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء *** لدى الولادة : مالذي أبكاكا؟ 

وإذا ترى الثعبان ينفث سمه *** فاسأله : من ذا بالسموم حشاكا؟ 

وأسأله كيف تعيش ياثعبان أو *** تحيا وهذا السم يملأ فاكا؟ 

وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت ***شهداً وقل للشهد من حلاَّكا؟ 

بل سائل اللبن المصفى كان بين *** دم وفرث مالذي صفاكا؟ 

وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا *** ميت فاسأله: من أحياكا؟ 

وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً *** فاسأله : مِنْ أين البياضُ أتاكا؟ 

وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحماً *** فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاكا؟ 

قل للنبات يجف بعد تعهد *** ورعاية : من بالجفاف رماكا؟ 

وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو *** وحده فاسأله : من أرباكا؟ 

وإذا رأيت البدر يسري ناشرا *** أنواره فاسأله : من أسراكا؟ 

وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد *** كلّ شيء مالذي أدناكا؟ 

قل للمرير من الثمار من الذي *** بالمر من دون الثمار غذاكا؟ 

وإذا رأيت النخل مشقوق النوى *** فاسأله : من يانخل شق نواكا؟ 

وإذا رأيت النار شب لهيبها *** فاسأل لهيب النار: من أوراكا؟ 

وإذا ترى الجبل الأشم منا طحاً *** قمم السحاب فسله من أرساكا؟ 

وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال *** جرى فسله؟ من الذي أجراكا؟ 

وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج *** طغى فسله: من الذي أطغاكا؟ 

وإذا رأيت الليل يغشى داجيا *** فاسأله : من ياليل حاك دجاكا؟ 

وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً *** فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاكا؟ 

هذي عجائب طالما أخذت بها *** عيناك وانفتحت بها أذناكا! 

والله في كل العجائب ماثل *** إن لم تكن لتراه فهو يراكا؟ 

يا أيها الإنسان مهلا مالذي *** بالله جل جلاله أغراكا؟ 

حاذر إذا تغزو الفضاء فربما *** ثآر الفضاء لنفسه فغزاكا؟ 

اغز الفضاء ولا تكن مستعمراً *** أو مستغلا باغيا سفاكا 

إياك ان ترقى بالاستعمار في *** حرم السموات العلا إياكا 

إن السموات العلا حرم طهور *** يحرق المستعمر الأفاكا 

اغز الفضاء ودع كواكبه سوابح *** إن في تعوبقهن هلاكا! 

إن الكواكب سوف يفسد أمرها *** وتسيء عقباها إلى عقباكا 

ولسوف تعلم أن في هذا قيام *** الساعة الكبرى هنا وهناكا 

أنا لا أثبط من جهود العلم أو *** أنا في طريقك أغرس الأشواكا 

لكنني لك ناصح فالعلم إن *** أخطأت في تسخيره أفناكا 

سخر نشاط العلم في حقل الرخاء *** يصغ من الذهب النضار ثراكا 

سخره يملأ بالسلام وبالتعاون *** عالماً متناحراً سفاكا 

وادفع به شر الحياة وسوءها *** وامسح بنعمى نوره بؤساكا 

العلم إحياء وإنشاء وليس *** العلم تدميراً ولا إهلاكا

فإذا أردت العلم منحرفاً فما *** أشقى الحياة به وما اشقاكا

يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

شكرا لك ولمرورك