نهاية مسلسل ادم



لا شك في ان نهاية مسلسل "آدم" الذي لعب دور البطولة فيه النجم المصري تامر حسني كانت متوقّعة ومنطقية. فإن كان المسلسل قد عالج حقبة سابقة في مصر حين كان النظام الامني يفتك بالناس وينتهك شرفهم وكراماتهم وأعراضهم فلا بدّ ان يتغلّب النظام على المناهضين له وان يقضي على كل أمل في اسقاطه فكان لا بدّ ان يكافأ سيف الحديدي وان يحصل على ترقية من أعلى الجهات الحاكمة في مصر وان يقتل آدم عبد الحي ويختفي من على وجه الارض.

اليس هذا ما كان يحصل في ظل النظام الامني السابق في مصر قبل ثورة 25 يناير؟ الم تكن هذه الصور البشعة التي مزّقت قلوبنا بالامس عن الاغتصاب والضرب والاحتقار والتي يتعرّض لها المعارضون للنظام حقيقية وواقع مدمٍ وقاسٍ؟

لم تكن نهاية هؤلاء سعيدة ولا عادلة ولا انسانية فلم كنا نتوّقع نهاية سعيدة لآدم وهو المثل الصارخ عن شباب مصر الذين ظلموا وقمعوا من قبل نظام سابق مختّل وجبان. كان لا بدّ من ان تشكّل نهاية المسلسل صاعقة للمشاهد العربي الذي اعتاد على النهايات السعيدة حيث يربح الخير دائماً على الشرّ والعدل على الظلم ولكن هذا التفاؤل لم يكن موجوداً في ظل الانظمة العربية القمعية السابقة التي كانت تنقضّ على كل من يهّدد وجودها ويشكّل خطراً عليها .

لا شك في ان موت آدم عيد الحي ادمى قلوب الوف الشرفاء في الوطن العربي واثقل عيونهم بالدموع ، فبكا المشاهدون في الوطن العربي وخاصة في مصر ابناءهم الذين ذهبوا ضحية نظام امني "أعوج" وأحمق و خبيث ، وكان آدم الصورة المصغرّة عن شعب تكبّد ما تكبّد خلال اكثر من ثلاثين عاماً ليعيش بشرف وكرامة، الا انه كان يدفع الاثمان الباهظة كل يوم ويغمس لقمة عيشه بالقهر والذّل والدماء.

أي نهاية أخرى غير التي اختارها كاتب مسلسل "آدم" لم تكن لتفي المصريين الشرفاء حقّهم ، ولم تكن لتعوّض عن وجعهم وشقائهم وتضحياتهم، فكان لا بدّ من صدمة موجعة وقاسية حيث سُمع دوي الـ "لا"في جميع انحاء الوطن العربي كردّة فعل على المشهد الاخير ،كي لا ينسى اي مواطن عربي ان هذه هي النهاية السعيدة والمنطقية لكل ظالم يعيش على جثث الابرياء وكراماتهم وهذه نهاية مأساوية لكل من كان يحاول تحدّي هذا النظام، وكانت هذه فرصة لجميع المشاهدين ليقدّروا نعمة الحرية التي ناضلوا من أجلها وحصلوا عليها وقيمة العيش بكرامة مرفوعي الرأس فيقررون هم مصيرهم ومصير ابنائهم .

لا أنكر انني كباقي المشاهدين تمنيت لو ان العقيد سيف الحديدي أصيب بطلق رصاص وتوفي على الفور وانتصر آدم في إثبات براءته والعقيد هشام هو من حصل على الترقية بسبب مهنيته واخلاقه العالية فيؤكّد كاتب المسلسل ان الدنيا لا تزال بألف خير وان الحقّ دائماً ما ينتصر في النهاية ، ولكنه أصّر على كتابة نهاية تعتبر من أقسى النهايات وأبشعها لانه اراد ان يوجع كل مشاهد مصري ويمسّه في الصميم كي لا ينسى ما عاشه خلال السنوات الثلاثين الاخيرة ولكي يتمسك انجازات ثورة 25 يناير وما تعنيه من انقلاب على الظلم والظالمين .

وأخيراً لا يسعنا الا ان نثني على كل الممثلين الذين ابدعوا في أداء أدوارهم ، تحية لكل ممثل صغير او كبير. فهم ساهموا الى حدّ لا يستهان به أبداً في انجاح هذا المسلسل الذي يمكن اعتباره من اهم مسلسلات رمضان 2011

وتحية الى النجم تامر حسني الذي ذاب في الدور وانصهر به وقدّم واحداً من أجمل ادواره وأثبت انه ممثل جيد جداً ونحن نطالبه اليوم ان يكرّر تجربته التمثيلية وان يقدّم مسلسلات جديدة وكثيرة ولا يقتصر عمله فقط على الافلام السينيمائية . 

يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

شكرا لك ولمرورك