✨ تقديم قصيدة "أيام الطفولة" – أبو القاسم الشابي
في قصيدته "أيام الطفولة"، يستعيد أبو القاسم الشابي لحظات البراءة الأولى، حيث تتداخل الذكريات مع الطبيعة، وتنبض الكلمات بنغمة الحنين والصفاء. الطفولة في نظر الشاعر ليست مجرد مرحلة زمنية، بل هي حلم الحياة، وعهد من النقاء الروحي، حيث لا هموم ولا قيود، بل انطلاق حر في فضاء الجمال والدهشة.
تُجسّد القصيدة رؤية الشابي الرومانسية للعالم، وتُبرز تأثره بالطبيعة والخيال، كما تعكس فلسفته الشعرية التي تمزج بين الشعور العميق والصورة الفنية الرقيقة. إنها لحظة تأمل في الزمن الجميل، حين كانت الحياة تُغنّي للعصافير، وتبتسم للطفل الحالم، وتفتح له أبوابًا من الضوء والفرح.
قصيدة أيام الطفولة لأبي قاسم الشابي:
🌸 أيام الطفولة – أبو القاسم الشابي
كم من عهود عذبة في عدوة الوادي النضيرفضية الأسحار مذهبة الأصائل والبكوركانت أرق من الزهور، ومن أغاريد الطيوروألذ من سحر الصبا في بسمة الطفل الغريرقضيتها ومعي الأحبة لا رقيب ولا نذيرإلا الطفولة حولنا تلهو مع الحب الصغيرأيام كانت للحياة حلاوة الروض المطيروطهارة الموج الجميل، وسحر شاطئه المنيرووداعة العصفور، بين جداول الماء النميرأيام لم نعرف من الدنيا سوى مرح السروروتتبع النحل الأنيق وقطف تيجان الزهوروتسلق الجبل المكلل بالصنوبر والصخوروبناء أكواخ الطفولة تحت أعشاش الطيورمسقوفة بالورد، والأعشاب، والورق النضيرنبني، فتهدمها الرياح، فلا نضج ولا نثورونعود نضحك للمروج، وللزنابق، والغديرونخاطب الأصداء، وهي ترف في الوادي المنيرونعيد أغنية السواقي، وهي تلغو بالخريرونظل نركض خلف أسراب الفراش المستطيرونمر ما بين المروج الخضر، في سكر الشعورنشدو، ونرقص ـ كالبلابل ـ للحياة، وللحبورونظل ننثر للفضاء الرحب، والنهر الكبيرما في فؤادينا من الأحلام، أو حلو الغرورونشيد في الأفق المخضب من أمانينا قصورأزهى من الشفق الجميل، ورونق المرج الخضيروأجل من هذا الوجود، وكل أمجاد الدهورأبدا تدللها الحياة بكل أنواع السروروتبث فينا من مراح الكون ما يغري الوقورفنسير، ننشد لهونا المعبود ـ في كل الأمورونظل نعبث بالجليل من الوجود، وبالحقير:ـ بالسائل الأعمى وبالمعتوه، والشيخ الكبيربالقطة البيضاء، بالشاة الوديعة، بالحميربالعشب، بالفنن المنور، بالسنابل، بالسفيربالرمل، بالصخر المحطم، بالجداول، بالغديرواللهو، والعبث البريء، الحلو، مطمحنا الأخيرونظل نقفز، أو نثرثر، أو نغني، أو ندورلا نسأم اللهو الجميل، وليس يدركنا الفتورفكأننا نحيا بأعصاب من المرح المثيروكأننا نمشي بأقدام مجنحة، تطيرأيام كنا لب هذا الكون، والباقي قشورأيام تفرش سبلنا الدنيا بأوراق الزهوروتمر أيام الحياة بنا، كأسراب الطيوربيضاء لاعبة، مغردة مجنحة بنوروترفرف الأفراح فوق رؤوسنا أنّى نسير
Tags:
قصائد واشعار
.jpg)