الأسرة هي نواة المجتمع ، وأساس بنائه وتكوينه ، وبصلاحها يصلح المجتمع ؛ لذلك اهتم الإسلام بالأسرة وحرص على سلامتها وحمايتها من مظاهر التفكك والإنحلال . وقد نظم الإسلام العلاقات الزوجية بين الزوجين على أسس ثابتة ؛ قال تعالى : {ومن ءايته أنّ خلق لكم من أنفسكم أزوجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إنّ في ذلك لأياتٍ لقوم ٍ يتفكرون} . (1)
ومع ذلك فإن من طبيعة الحياة أن تقع بعض الخلافات بين الزوجين وفي إطار الأسرة ، فما أسباب هذه الخلافات ؟ وما توجيهات الإسلام المباشرة لحلها ؟
أسباب الخلافات الزوجية
للمشكلات الزوجية أسباب متعددة ، منها:
1- سوء اختيار أحد الزوجين للآخر ، فقد بين الإسلام أسس اختيار الزوج والزوجة وأهمها الخلق والدين ؛ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ عريضٌ" (2) إلا أن بعض الرجال والنساء يختارون بعضهم بعضا على غير هذين الأساسين ؛ فيؤدي سوء اختيارهم هذا إلى الخلافات الزوجية .
2- التفاوت في الكفاءة بين الزوجين ، سواء كان ذلك من النواحي الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية .
3- التقصير في أداء الحقوق الزوجية ، فإن للزوجة حقوقاً على زوجها وللزوج حقوق على زوجته ، ولا تتوافر الطمأنينة والمودة في الأسرة إلا إذا أدرك كل واحد منهما واجباته تجاه الآخر ؛ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "....ألا إنّ لكم على نسائكم حقاً...."(3) .
ومن الأمثلة على أسباب الخلافات بين الزوجين في مجال عدم أداء الحقوق الزوجية ما يأتي :
أ - عدم إنفاق الزوج على زوجته وأولاده بالمعروف .
ب - خروج الزوجة عن طاعة زوجها بالمعروف وإفشاء الأسرار الزوجية .
جـ - التقصير في رعاية الأبناء وتربيتهم ، سواء كان ذلك من قبل الزوجة أو من قبل الزوج .
د - سوء العشرة بين الزوجين وعدم الاحترام المتبادل بينهما .
فالكلمات الحادة والألفاظ السيئة ؛ كالإشارة إلى عيوب الطرف الآخر ، أو سب الأسرة والأهل والأقارب ، لها أثر على العلاقات الزوجية ، حتى بعد انتهاء الخلاف ، ويؤدي إلى حقد يتراكم في النفوس ؛ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : لم يكن النبي (صلى الله عليه وسلم) فاحشاً ولا متفحّشاً ، وكان يقول : "إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً" (4) .
4- عدم إدراك كل من الزوجين طباع الآخر ؛ وبالتالي لا يستطيع التعامل معه بأسلوب يتفق مع طبيعته ؛ فلا يصبر أحدهما على الآخر ؛ ويؤدي ذلك إلى وقوع المشكلات وخاصه في بداية الحياه الزوجية .
5- التدخل السلبي لأحد مأقارب الزوجين ؛ بتحريض أحد الزوجين على الآخر ، بدلا من الإصلاح بينهما ؛ مما يزيد حدة الخلاف وتعذر الإصلاح بينهما .
6- التمسك بالعادات والتقاليد والأعراف المخالفة لشرع الله تعالى ، فيجب على الزوجين ، إن اختلفا في أي أمر ، أن يحكما شرع الله في حل خلافهما ، وكثير من الأزواج لا يفعل ذلك ، بل يلجأ كل منهما إلى الأعراف والعادات والتقاليد حتى لو كانت مخالفة لشرع الله تعالى .
7- التقصير في حق الله وطاعته ، فإن من أهم الأسباب المؤدية للشقاق والنزاع بين الزوجين تقصير أحدهما أو كليهما في حق الله تعالى وطاعته .
وهناك أسباب أخرى معاصرة ساعدت على وجود الخلافات الزوجية ؛ مثل انتشار مظاهر الفساد والانحلال في المجتمع ؛ مما ينعكس على استقرار الحياة الزوجية .
(1) سورة الروم ، الآية (21) .
(2) سنن الترمذي ، كتاب النكاح ، باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه .
(3) سنن الترمذي ، كتاب تفسير القرآن ، باب سورة التوبة .
(4) صحيح البخاري ، كتاب المناقب ، باب صفة النبي (صلى الله عليه وسلم) .
يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.