السحر


الكبائر والكبائر جمع كبيرة والكبيرة مهلكة، والصغائر يمكن أن نتوب منها ويمكن أن نتوب منها الإنسان حينما يفرق بين الكبائر والصغائر يبقى في بحبوحة ما اجتنب الكبائر، لقول الله عز وجل:
﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (31 ﴾(سورة النساء ).

الإنسان أحياناً يدوس على قطعة زجاج تجرح قدمه، يضمدها وبعد حين تشفى أما إذا وقف على قنبلة هذه القنبلة تفجره وتهلكه، يوجد معاصي في الإسلام كالقنابل تفجر صاحبها، هي الكبائر، فالإنسان في بحبوحة وفي يسر، والتوبة سهلة وسريعة ما اجتنب الكبائر.

ذكرت مرةً مثلاً أن إنساناً يركب سيارة على طريق عريض وعلى يمين الطريق وادٍ سحيق، إذا انحرف المقود سنتمتر واحد هذا الانحراف إصلاحه سهل جداً بضغطة بسيطة على المقود يعود إلى طريقه السوي أما لو أن هذا الانحراف استمر فلابد من أن يسقط بالوادي، الكبيرة حرف المقود تسعين درجة فجأةً نزل في الوادي، الصغيرة حرفه درجة واحدة، هذه الدرجة إذا ثبت عليها واستمر عليها نزل في الوادي كأنه فعل الكبيرة من هنا قال عليه الصلاة والسلام: لا صغيرة من الإصرار، إذا ثبت المقود درجة واحدة على اليمين إلى الوادي، ولا كبيرة مع الاستغفار، لو أن سائق ابنه إلى جانبه وأمسك بالمقود وحرفه فجأةً والسائق يقظ و واعي يعيده فجأةً إلى المسار الصحيح، فالمشكلة الصغيرة من السهل أن تستغفر الله منها، الصغيرة من السهل أن تتوب منها، الصغيرة من السهل أن تتجاوزها، والكبيرة مدمرة ومهلكة.

الفكرة الثانية أن الصغائر إذا أصررت عليها انقلبت إلى كبائر، وأن الكبائر إذا انتبهت إليها سريعاً وتبت منها توبةً نصوحة انقلبت إلى صغائر، بقي أن نعرف ما الصغائر وما الكبائر، لاشك أن كل واحد منكم دون استثناء يعلم أن القتل من الكبائر، وأن الزنا من الكبائر، وأن شرب الخمر من الكبائر، وأن الشرك من الكبائر، ولكن أردت من هذا الدرس أن أضع أيديكم على كبائر تظنوها صغائر، أن أضع أيديكم على كبائر تتوهمون أنها صغائر، فالمسلم أحياناً لا يبالي بفعلها فإذا هي تدمره.

قد يسأل سائل كيف عرف العلماء الصغائر من الكبائر، العلماء وضعوا ضوابط دقيقة جداً، من هذه الضوابط أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا قال لعن الله من فعل كذا فاللعن يقتضي أن يكون الذنب الذي لعن عليه الإنسان من الكبائر، كلمة غضب الله على إنسان فعل كذا وكذا، الغضب يؤدي بصاحبه إلى الكبائر، النهي مع الجزم من فعل شيئاً نهى شيئاً نهى النبي عنه بجزم فصاحبه يقترف الكبائر، لو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ليس منا من فعل كذا، نفى عنه انتماءه للإسلام هذا أيضاً من الكبائر، هناك ضوابط ضبطها العلماء صيغ الأمر والنهي وصيغ التعنيف، والتوبيخ، والتحقير التي وردت في السنة المطهرة هي التي صنفت هذه الأشياء مع الكبائر.

فمن هذه الكبائر مثلاً، مسلمون كثيرون يلجئون إلى شيوخ في موضوع السحر ويتوهمون أن فلان يفك السحر وفلان يقي من عذاب معين، وفلان يوفق بين المرء وزوجه ويتناسون القرآن الكريم وآياته الصريحة، وحديث رسول الله واستنباطاته الواضحة، الله جل جلاله يقول:
﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)﴾( سورة البقرة )

والسحر كما تعلمون تعاون مع الجن، النبي عليه الصلاة والسلام فيما روي عنه يقول:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ )).

فأي تعاون بين الإنسان وبين الجن هو سحر، والسحر كفر، والتعاون هدفه الوحيد إضلالة البشر، والدليل قال تعالى:
﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)﴾( سورة البقرة )

الله عز وجل في كتابه الكريم وهو الصادق، وهو القوي يقول لك:
﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) ﴾( سورة الأعراف )
الشيطان وصفه الله بأنه خناس:
﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) ﴾( سورة الناس )
والله عز وجل قال في آيات كثيرة:
﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) ﴾( سورة النحل )
﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)﴾( سورة الحجر )
﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23) ﴾( سورة إبراهيم ).

ربنا عز وجل يخبرنا بآيات قطعية الدلالة، واضحةٍ وضوح الشمس، أن الشياطين كلها وعلى رأسهم إبليس ليس له على أي إنسان خلقه الله سلطان، قال تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) ﴾( سورة آل عمران ).

فالإنسان إذا اعتقد خلاف ذلك أن فلان الشيطان مسلط عليه، والجن يتحكمون به هذا اعتقاد خلاف القرآن الكريم، يوجد نقطة مهمة جداً قد لا تأتي على أذهانكم، من اعتقد خلاف القرآن الكريم فقد كفر، كأنه رد آية قرآنية، من رد آية ولو كلمةً فيها فقد كفر.

والكفر كما تعلمون يوجد عندنا كفر اعتقادي، وكفر قولي، وكفر عملي، كفر بواح، كفر دون كفر، إذا الإنسان قول الله عز وجل:
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾( سورة النور ).

لم يعبأ به إذا قال هذه الآية حق وأنا مقصر، نقول أنت عاصي، أما إذا قال هذا الشيء غير معقول، أين أذهب بعيوني، هذا الكلام ليس لهذا الزمان، مع أن الله عز وجل يقول:
﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) ﴾( سورة البقرة ).

يعني إذا أنت قلت هذا الكلام ليس لهذا الزمان كأنك اتهمت الله عز وجل أنه كلفنا ما لا نطيق، يقول الله لك لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ويقول قل للمؤمنين أن يغضوا من أبصارهم، فإذا قلت الآية حق وأنا مقصر أنت عاص لا سمح الله، أما إذا قلت هذه الآية غير واقعية لا يمكن أن تطبق، دون أن تشعر وقعت بالكفر، ولكن ليس كفراً بوجود الله كفر في هذا الحكم الشرعي هذا سماه النبي كفر دون كفر، لكنه كفر،ويوجد عندنا كفر اعتقادي، وكفر قولي، وكفر عملي، من سحر فقد كفر، من تعاون مع الجن، من صدق أن الجن تفعل شيئاً توفق بين زوجين، تفرق بين زوجين، توفق في عمل تجاري تحبط عملاً معيناً، من اعتقد هذا فقد كفر اعتقادياً، من تعامل مع الجن كفر عملياً، من قال بهذا كفر قولياً، موضوع السحر، موضوع الجن الاعتقاد بأن الجن يفعلون ويتركون، يقربون يبعدون، يحفظون ولا يحفظون، يوفقون ولا يوفقون، الاعتقاد بهذا نوع من الكفر، لذلك عد السحر من الكبائر، وقد قال الله عز وجل عن هاروت وماروت، قال تعالى:
﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)﴾( سورة البقرة ).

كأن الله عز وجل أشار إلى أن موضوع الجن والتعاون مع الجن، وموضوع السحر، هدفه الإفساد لا الإصلاح، هدفه التفريق بين الزوجين لا التوفيق بينهما، هدف الإبعاد عن الله لا التقريب، لا تصدق أن تعاوناً ما بين الجن والإنس يمكن أن يكون للخير إنه للشر من هنا قال عليه الصلاة والسلام: من سحر فقد كفر.

الآية التي تصف هاروت وماروت وكيف أن هذين الملكين تعجبا من الإنسان وكيف يعصي ربه فأراد الله أن يؤدبهما فأودع فيهما شهوات الإنسان وأطلقهما إلى الأرض ففعلا كل المعاصي والآثام وعربدا وشربا وزنيا، حتى يعرفا أن الإنسان معذور، هذه القصة لا أصل لها إطلاقاً من أوجه التفاسير أنه وَمَا أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، يعني هذه القصة التي يرويها بني إسرائيل في كتبهم لا أصل لها ولا وجود لها وهذه الما ليست مصدرية وإنما هي ما نافية، وتفاسير دقيقة جداً تؤكد هذا المعنى، قال تعالى:
﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)﴾( سورة البقرة ).

هذه قصة من صنع خيالكم لا أصل لها، قال صاحب هذا الكتاب كتاب الكبائر نرى خلقاً كثيراً من الضلال يدخلون بالسحر ويظنونه حراماً فقط وما يشعرون أنه الكفر لذلك:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )).

((عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا )).

الآن يوجد أوقات للتسلية بين الناس يقرؤون فنجان القهوة، هذا حرام، يوجد رجل يحبك ثم أمامك مطب عاطفي، ثم... كله كلام فارغ، لا يعلم الغيب إلا الله، إلهنا يقول للنبي قل لهم لا أعلم الغيب.
﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) ﴾( سورة الأعراف ).

أراد الله عز وجل أن يعطينا درساً لا ينسى جاء وفد إلى النبي عليه الصلاة والسلام يطلبون منه سبعين قارئ قرآن ليعلموا أقوامهم، والنبي صدقهم لا يعلم إلا أن يعلم النبي لا يعلم الغيب، لا يعلم بذاته إلا أن يعلمه الله، هؤلاء أخذوا السبعين قارئاً وذبحوهم في الطريق، لماذا سمح الله بهذا ؟ ليكون درساً لا ينسى إلى يوم القيامة، ما من إنسان على وجه الأرض ولو كان نبياً، ولو كان رسولاً، ولو كان سيد الرسل أن يعلم الغيب، الله عز وجل قد يعلمه، هناك أحاديث كثيرة جداً عن أشراط الساعة، وعن علامات آخر الزمان ذكرها النبي ليس من عنده لا من اجتهاده، لا من توقعه، لا من رؤيته ولكن من عند الله خالقه، فالإنسان لا يعلم إلا أن يعلمه الله هذه عقيدة المسلم، قال تعالى:
﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)﴾( سورة الأنعام ).

النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب ولا يملك لنا نفعاً ولا ضراً، والأبلغ من ذلك أنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فإذا كان لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، من باب أولى أن لا يملك لنا نفعاً ولا ضرا، ويوجد أوضح حديث قاله النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان عند أصحابه الذين توفاهم الله عز وجل أبي السائب، سمع امرأة تقول هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله، هذا سماه العلماء التآلي على الله، فقال عليه الصلاة والسلام: وما أدراكِ أن الله أكرمه، قولي أرجو الله أن يكرمه، وأنا نبي مرسل لا أدري ما يفعل بي ولا بكم.
أنا طبعاً لا أتكلم من هواء، أنا يومياً عشرات الأخوة يسألونني عن موضوع السحر يوجد شيخ يفك السحر لفة حمراء، خضراء، هذا كله غير وارد لا أملك إلا قوله تعالى:
﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) ﴾ ( سورة الأعراف ).

الشيطان موجود، إبليس، والشياطين موجودة هذا إيماننا، قال تعالى:
﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) ﴾( سورة الأنعام ).

إلا أن الشيطان لا يملك على الإنسان سلطاناً، ودائماً أذكر هذه القصة المضحكة، إنسان وقع في حفرة مياه سوداء وذهب ليشتكي على إنسان فقال له: المحقق دفعك، قال له: لا، أمسك بك و وضعك، قال: لا، هددك قال له: لا، كيف تشتكي عليه قال: قال لي انزل فنزلت، قال تعالى:
﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)﴾( سورة إبراهيم ).

هذه العقيدة الواضحة تجعل الإنسان عملي لا يوجد إلا الله والله أمره واضح الأبلغ من ذلك هل يوجد إنسان أعظم من رسول الله ؟ لا، ومع ذلك لو أنه بذكاء منه وبراعة منه، وقوة في الإقناع وطلاقة في اللسان استطعت أن تنزع منه حكماً لصالحك ولست على حق لا تنجو من عذاب الله، النبي نفسه، سيد الخلق، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:
(( عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلا يَأْخُذْهَا )).

بالمعنى الدارج علاقتك مع من ؟ مع الله عز وجل هو الذي يعلم كل شيء، بهذه الطريقة تستقيم، هناك أشخاص يعتقدون بأولياء،، هذا الولي لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً نحبه، نكبره، نجلّه، نتمنى أن نكون على قدمه، ولكن لا نعتقد أنه ينفعنا أو يضرنا النافع والضار هو الله، المعطي والضار هو الله، الرافع والخافض هو الله، المعز والمذل هو الله، القابض والباسط هو الله هذا هو التوحيد.
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاتِ )).

(( عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ))
هذا عدوان على الدين، والحقيقة ما أكثر ما يعتدي على الدين، نشر فكر مناهض للدين هذا كالسحر تماماً، يعني أنت حينما تقنع الناس بحقيقة خلاف الدين هذا كالسحر عدوان على الدين، لأن الإنسان إن صحت عقيدته صح عمله، أما إذا فسدت عقيدته فسد عمله، فكيف أن الإنسان جعل حد السرقة قطع اليد، وحد شرب الخمر الجلد وحد الزنا الجلد أو الرجم، كذلك جعل للعدوان على الدين حداً، لأنه حينما يتيهوا الناس ويضلوا و ينحرفوا في عقيدتهم يقع في مطب كبير ويهلكون أنفسهم وهم لا يشعرون.

القصة التي تعرفونها جميعاً، كان أهل مصر يعتقدون أنه لابد من أن تقدم فتاة لنهر النيل كي يبقى فائضاً عليهم بالخيرات، فكانوا يختارون أجمل فتاة ويلقونها في النيل ليبقى.

يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

شكرا لك ولمرورك