المنظمات غير الحكومية ودورها في حماية المناخ

زيدون فلاح 

تعد مشكلة تغير المناخ من المشكلات الدولية الحديثة نسبيا في تاريخ المجتمعات البشرية، وهذا بعد أن اتضح جليا بأن أثر المساس بالتوازن البيئي الطبيعي لا ينحصر في مجال معين بل يمتد اثره وخطره إلى مجالات عديدة أخرى، فباختلاله تختل الظواهر الطبيعية وتصبح عاتية ومدمرة.
نتيجة لهذا  أخذ البعد الدولي لموضوع حماية المناخ مداه وازداد الاهتمام الدولي به إذ أصبح موضوع تغير المناخ اليوم موضوع الساعة و محل اهتمام دولي، فشعوب العالم اليوم تتصايح خوفا وهلعا، والمؤسسات العلمية والتقنية تزداد ابحاثا ودراسات ومنظمات حماية البيئة والمناخ تتسارع في ابرام البروتوكولات والاتفاقيات لتحقيق برامج البيئة النظيفة الخالية من الكربون والتنمية المستدامة على كوكب الارض للحد او التخفيف من الاسباب المؤدية الى الاحتباس الحراري والتغير المناخي، فانعقدت الكثير من المؤتمرات الدولية التي خرجت بجملة من التوصيات والإعلانات كما أبرمت العديد من الاتفاقيات للحفاظ على المناخ، فبات هناك اليوم العديد من المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني المدافعة عن المناخ، وانطلاقا من هذا الامر فقد اصبحت المنظمات الدولية والمحلية غير الحكومية تلعب دورا نشيطا على الصعيد الدولي كونها تهدف دائما الى خلق اتصال فعال بين الافراد والجماعات والمؤسسات على المستوى الدولي، كما اصبح النظام الدولي يعتمد المنظمات الدولية غير الحكومية كطرف في التنظيمات المؤسساتية الدولية لتأكيد مصداقيتها لأنها الطرف الجدير بالاهتمام وبها يتم قياس الموقف الشعبي في التجمعات العالمية.
وتقول الباحثة وافي حاجة من جامعة عبدالحميد بن باديس في الجزائر "تعمل المنظمات البيئية غير الحكومية على درء مشاكل البيئة وتبيان انعكاساتها من خلال مساهمتها في نشر الوعي البيئي، وكذا مشاركتها في كفالة وضمان حق الاجيال اللاحقة في التمتع ببيئة ملائمة وموارد متاحة".
والمتواجد اليوم في قمة المناخ 23 في بون، سيلاحظ جيدا دور تلك المنظمات واعضائها النشيطين في متابعة الاحداث وحث الاطراف الدولية المؤتمرة على الجدية بالعمل والالتزام بمقررات مؤتمر باريس كما تعمل المنظمات غير الحكومية لرفع مستوى الوعي وتبادل المعلومات وإجراء البحوث والتحليل وتعبئة الناس لآليات واتفاقيات الامم المتحدة لحماية المناخ وبالتالي حماية الانسان والطبيعة، ومن المفرح ايضا وجود العديد من الشباب العرب في تلك المنظمات ولهم ادوار مهمة ورئيسية في متابعة سير المفاوضات للخروج بنتائج جيدة تخدم تطلعات الشعوب بمناخ آمن.
فعلى سبيل المثال أذكر منظمة (Climate Tracker) او متعقب المناخ، حيث تعتبر هذه المنظمة كشبكة دولية تضم اكثر من 6000 شاب وشابة في 150 دولة حول العالم، تعمل على زيادة الوعي البيئي عن طريق تدريب الشباب حول كيفية الكتابة عن التغير المناخي وآثاره السلبية على مستقبل الحياة على كوكب الارض كما تهتم بالقضايا البيئية الاخرى، وقالت لينة ياسين مسؤولة برامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في تلك المنظمة ان Climate Tracker تقوم سنويا بتكوين فريق يتكون من 10 اشخاص او اكثر من دول مختلفة لحضور مؤتمر قمة المناخ الدولية المعروف باسم (cop) حيث يقوم هذا الفريق بتغطية احداث المؤتمر وكتابة المقالات في بلدانهم ونشرها في وسائل اعلام مختلفة لزيادة المعرفة الشعبية عن مؤتمرات المناخ واهميتها.  

رغم القلق الشعبي الدولي من خطورة تغير المناخ وتأثيره المباشر على امن وصحة الانسان والكائنات الحية الاخرى ورغم وجود منظمات المجتمع المدني البيئية العاملة في المنطقة العربية الا ان الوعي العربي لا يزال مغيبا وان الشعور بالمسؤولية حيال تلك القضايا لم يأخذ الاولوية لحد الان وحين سئلت الاستاذة صفا الجيوسي رئيس حملة المناخ والطاقة عن سبب قلة الوعي والاهتمام العربي بقضايا البيئة والمناخ على الرغم من ان المنطقة العربية من مناطق العالم المتأثرة بتغير المناخ اجابت قائلة:" ان المواطن العربي قد اعتاد على الاسراف في الموارد دون مبالاة رغم جميع الدراسات التي تشير الا ان اغلب بلدان المنطقة العربية ستواجه موجات جفاف شديدة وندرة في المياه وارتفاع في درجات الحرارة وينبغي التكيف مع هذا الوضع"، واضافت الجيوسي "ان السياسات العربية كانت تشجع الناس على الاسراف لأن اغلب الموارد تكون مدعومة من قبل الدولة وبالتالي لن يكون هناك حس بالمسؤولية او شعور بالخطر"، وربما يعود السبب في ذلك ايضا الى المشاكل الامنية والسياسية والاقتصادية المتكررة التي اشغلت المواطن العربي عن الاهتمام والالتفات لقضايا البيئة معتبرين ان الاولوية لأمنهم وقوتهم اليومي.

يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

شكرا لك ولمرورك