في الحقيقة ان ما يدعيه بعض المبشرين أن القرأن الكريم هو من تاليف محمد صلى الله عليه وسلم وأنه قد ابتدع القران الكريم من وحي خياله، ويمكن الرد على ذلك بما يلي:
أولاً: لو افترضنا جدلاً بأن القرأن الكريم من تأليف محمد وهذا مما يعني بأن الحديث النبوي الشريف والقران الكريم هما كلام شخص واحد وهذا الأمر يسقط عند التطبيق العملي فبمجرد مقارنة صياغة القران الكريم ونظمه وصياغة الاحاديث النبوية يمكن الملاحظة بأن القران الكريم هو اكثر دقة ونظما بصورة تثبت ان هذين النصين لم يصدرا من شخص واحد.
ثانياً: لو فرضنا جدلاً أن القرأن الكريم هو من صنع محمد صلى الله عليه وسلم لكان قد نسبه لنفسه على الأقل وقال انه من عندي، وقد كان بإمكانه ايضا ان يدعي الألوهية علاوة عن النبوة فتزيد قداسته بين الناس.
ثالثاً: إن القرآن الكريم ظهر عند العرب ومن المعروف ان العرب هم اهل الفصاحة ولو كان من تأليف محمد لاستطاع أئمة الفصاحة، والبلاغة، والبيان من العرب أن يكتشفوا ذلك، وكان سهلاً عليهم ان يدحضوا به زعم محمد أن القرآن يوحى إليه من عند الله من جهة، ويقلدونه ـ وهم قد عجزوا عن ذلك ـ من جهة أخرى، فالقرأن الكريم أعجزهم في لغتهم، وغزاهم في عقر بلاغتهم، وتحداهم، وبأطلق لسان فيهم، وأعرب لغة بينهم، أن يجاروه، ولو بأقصر سورة منه تتكون من ثلاث آيات، وهي سورة الكوثر، ولكن هل استطاعوا؟
في الواقع لقد حاول العديد من القدماء والمعاصرين ان ينظموا بعضا من ايات القران او سور القران كمسيلمة الكذاب او رشيد حمامي او غيرهم من المبشرين من باب الطعن في القران الكريم إلا ان محاولاتهم لم تكن في حقيقتها إلا محاكاة للقران الكريم فتؤخذ الآية ويتم تغيير بعض كلماتها وهذا في حقيقته لا يعدوا ان يكون تقليد للقران الكريم ولكن ذلك يظهر بمجرد سماعه.
رابعاً: إن ما يثبت بأن القرأن الكريم ليس من تأليف محمد أن الأيات القرأنية لم تكن تأتي لمحمد عند كل حادثة من الحوادث، أي ان الحادثة تقع ثم يصبح هنالك تراخ في الوقت ثم تأتي ايات القرأن وهذا يثبت انه ليس من تاليف محمد ولو كان من تأليفه لكان الجواب يأتي بسرعة أكبر على كل حادثة من الحوادث.
ومن الأمثلة على هذا الأمر حادثة الإفك التي نالت من من شرف زوجته عائشة، ومن كرم نبوته، فقد تأخر نزول الوحي بالقرآن تبرئة لها حوالي الشهر ذاق هو، وزوجته الأمرين طيلة هذه المدة، فلو كان القرآن من تأليفه، فما الذي يمنعه من الرد السريع القاطع لألسنة المتقولين في شرفه؟ … ولكن، وأنّى لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يتقول على الله، أو يتقول على الناس وإن فعل ـ وحاشا لله أن يفعل ـ فحكمه إلى الله مصداق قوله تعالى: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين) سورة الحاقة الآيات 44 ـ 47.
وهذه قصة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، حيث صلّى الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وصحابته حوالي ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس بقي طيلة هذه المدة يقلب وجهه في السماء راجياً من الله تعالى أن يحول القبلة إلى المسجد الحرام بمكة، فاستجاب له، مصداق قوله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينّك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام) سورة البقرة آية 144. فلو كان القرآن من تأليفه فما الذي منعه من تحويلها ـ أي القبلة ـ من أول الأمر!!.
وهذه قصة أصحاب الكهف، والذين سئل عنهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأبطأ عليه الوحي حوالي مدة أربعين يوماً بقي طيلتها في حرج من يهود حيث سألوه عنهم، فلو كان القرآن من عنده فما الذي يمنعه من سرعة الرد عليهم؟!!.
خامساً: إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد، فكيف نفسر عتاب أو لوم الله له في القرآن، وفي أكثر من موضع؟!! فهذا عتاب الله له في قبوله لأعذار المنافقين، وإذنه لهم بالتخلف عن غزوة تبوك، مصداق قوله تعالى: (عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين) سورة التوبة آية 43. فمن خلل الرأي، وفساد العزيمة، ونقص الادعاء أن يعتب مدع، أو صاحب فرية على نفسه، وبقوله الذي يدعيه. ولو صحت دعوى نسبة القرآن لنفسه، لما عاتب نفسه، ولما خطأ رأيه، لأن هذا من قبيل التناقض الذي يتحاشاه أصحاب الافتراءات، والرسول (صلى الله عليه وسلم) كان أحوج إلى ادعاء الصحة في أقواله وتصرفاته، جذباً للناس حوله، ولاعتناق قرآنه، وليس تنفيرهم، وليس بأن يناقض نفسه، وأن يعيب كتابه. إذن فلو كان القرآن من عنده لما كانت هناك ضرورات لأن يعاتب نفسه أكثر من مرة. وأيضاً هذا عتاب الله له في قبوله الفداء من أسرى بدر، مصداق قوله تعالى: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) سورة الأنفال آية 67 ـ 68.
سادساً: لو كان القران من صنع محمد لما كان بإمكانه الإخبار عن بعض المسائل التي ستحدث في المستقبل والتي لم تكن من المتوقعة في ذلك الحين، فعندما هزم الفرس الروم نزلت ايات من القران تقول بأن الروم سيهزمون الفرس كما ان القرأن قد حدد المدة لذلك حيث قال في بضع سنين والبضع من ثلاث الى تسعة وجاء النصر بعد سبع سنوات على الرغم من ان الروم قد هزموا هزيمة ساحقة لا يمكنهم القيام منها في ذلك الاوان، وكذلك انتصار المسلمين في معركة بدر فقد قال القرأن بنصر المسلمين وهذا ما حدث (سيهزم الجمع ويولون الدبر) . وكذلك سورة اللهب التي تنبأت بموت ابو لهب على الكفر فماذا حدث لو ان واحدة من هذه الانباء قد جاءت بصورة خاطئة.
سابعاً: الإعجاز العلمي في القرأن الكريم فقد تناول القرأن الكريم مجموعة من الإخبارات التي اثبتها العلم الحديث والتي تتحدث عن خلق الانسان والكون ومسائل عديدة لا يتسع ذكرها.
يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.