ديهيا أو يقال عنها تيهيا، الملكة ديهيا بنت تابنة (585 م - 712 م)، وتشتهر بلقب الكاهنة ، هي قائدة عسكرية بارعة وملكة أمازيغية شجاعة خلفت الملك أكسيل في حكم الأمازيغ في مناطق شمال أفريقيا ، تشكل مملكتها الجزائر وتونس والمغرب وليبيا وعاصمة مملكتها كانت مدينة ماسكولا (خنشلة حاليا) في الأوراس قادت ديهيا عدّة حملات وجيوش ومعارك ضد الرومان والمسلمين والبيزنطيين في سبيل استعادة الأراضي الأمازيغية التي أستولوا عليها في أواخر القرن السادس ميلادي.
وعلى الرغم من قتال المسلمين للملكة ديهيا إلا انها كانت بنظرهم إمراة شجاعة يحترمونها وأصبحت رمزًا من رموز الذكاء والتضحية وقد ورد ذكرها عند الكثير من المؤرخين المسلمين وقد تمكنت في نهاية المطاف من أستعادة معظم أراضي مملكتها بما فيها مدينة خنشلة بعد أن هزمت الرومان هزيمة شنيعة.
كما تمكنت من توحيد أهم القبائل الأمازيغية حولها خلال زحف جيوش المسلمين واستطاعت ديهيا أن تلحق هزيمة كبيرة بجيش حسان بن النعمان عام 693م وتمكنت من هزيمتهم وطاردتهم إلى أن أخرجتهم من كامل تونس ، وما إن سمعت بتقدم جيش حسان حتى بادرت بتحرير مدينة خنشلة من الاحتلال الروماني وطردت منها الروم ثم هدمت حصونها لكي لا يحتمي بها جيش حسان.
فاستنجد هؤلاء الروم بحسان بن النعـمان ، وقد قال عنها المؤرخ ابن عذارى المراكشي:
«جميع من بأفريقيا من الرومان كانوا خائفين منها وجميع الأمازيغ لها مطيعون» ، بينما يجمع المؤرخون العرب المسلمون الذين أرّخوا لها بمن فيهم العلامة ابن خلدون: « على أنها كانت وثنية تعبد صنما من خشب ، وتنقله على جمل ، وقبل كل معركة تبخّره وترقص حوله فسماها العرب الكاهنة أي (التفازة أو الفزّانة) باللغة المحلية».
وكانت الحرب بوادي مسكيانة وانتهت الحرب بتراجع حسان وجيشه ، وبعد هذه الهزيمة لحسان جعلته يهرب من المنطقة إلى غرب ليبيا سالما مع من بقي من جيشه تحت أنظار جيش ديهيا ولم تخرب القيروان ولم تقتل المسلمين المتواجدين بها أو تقوم بالتنكيل بهم ثأرا وانتقاما، بل عادت برجالها إلى مقر عاصمتها بالأوراس.
بعد خمس سنوات من انهزام حسان أمام ديهيا، كتب إلى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بالواقعة يشرح من خلالها عن أسباب إنكساره الفعلية أمام أهل الأوراس وقال: «إن أمم بلاد المغرب ليس لها غاية، ولايقف أحد منها على نهاية، كلما بادت أمة خلفتها أمم» – عائشة كنتوري ص156.
في مقابل إنهزامه سيطرت ديهيا على شمال إفريقيا لمدة خمس سنوات وتشكل مملكتها اليوم جزء من الجزائر وتونس والمغرب وليبيا ومما قامت به أنها بسلوك حضاري أفرجت عن جميع الأسرى وعددهم 80 أسير وأعطتهم الحرية بعد أن رأت بأم عينها سلوكهم وتعاملهم البسيط الموافق لفطرة الأمازيغ ، ثم قررت ديهيا إبقاء أسير عربي واحد من الأسرى بالأوراس، هو خالد بن يزيد القيسي ، تبنته وأقام عندها وعاش مع أبنائها الأخرين الذي تبنتهم أيضا ومنهم يوناني تبنته وأمازيغي.
وقد قال المؤرخ إبن عبد الحكم: «فأحسنت ديهيا أسر من أسرته من أصحابه وأرسلتهم إلا رجلا منهم من بني عبس يقال له خالد بن يزيد فتبنته وأقام معها» – إبن عبد الحكم، فتوح أفريقيا والأندلس ص63.
بعد مرحلة هزيمة حسان بن النعمان وقد كان على وشك الموت قرر أن يعيد الكرة لمقاتلة ديهيا، فأمده الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بإمدادات عسكرية وعتاد ومؤن على الرغم من انشغالات الخليفة عبد الملك الكثيرة بإخماد الثورات المعارضة في الشرق والشام وشبه الجزيرة العربية، فإتجه حسان بجيشه صوب مملكة الأوراس لمنازلتها بعد أن جمع كل المعلومات عندها التجئت إلى إستراتيجية الأرض المحروقة وهي خطة عسكرية أساسها هو تخريب الأراضي التي يطمع إليها العدو وتدمير أطماعه ونفذت هذه الخطة لدفع العرب الفاتحين للتراجع عن شمال أفريقيا على حد سواء.
فقالت لأنصارها: «إن العرب لايريدون من بلادنا إلا الذهب والفضة والمعدن، ونحن تكفينا منها المزارع والمراعي، فلا نرى لكم إلا خراب بلاد أفريقية كلها حتى ييأس منها العرب فلا يكون لهم رجوع إليها إلى آخر الدهر.» – إبن عذاري المصدر السابق ص35-36
وقد نشبت معركة أخرى بين ديهيا وحسان بن النعمان في منطقة جبال الأوراس فإنهزمت فيها ديهيا ، وقد قال المؤرخ الثعالبي عن ديهيا: «وبعد معركة صارمة ذهبت هذه المرأة النادرة ضحية الدفاع عن حمى البلاد» – الثعالبي: ص77
قال المؤرخ إبن خلدون: «ديهيا فارسة الأمازيغ التي لم يأت بمثلها زمان كانت تركب حصانا وتسعى بين القوم من الأوراس إلى طرابلس تحمل السلاح لتدافع عن أرض أجدادها.» – إبن خلدون كتاب العبر الجزء السابع ص 11.
يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.