سلسبيل صبيح
تهالك مناخ الكرة الأرضية في السنوات الأخيرة، بسبب ما صنعه بنو البشر على يابستها، مما أدى إلى السخط بها وإحالتها إلى الدمار والكوارث الطبيعية المتوالية التي حصَلت في أوخراها أضرار جسمية لا تعد ولا تحصى على جميع مكونات هذا الكوكب، ومن غير الطبيعي أن ما زالت تلك الأعمال والمؤثرات التي يقومون بها قائمة لغاية اللحظة من دون اكتراث أو حتى أدنى مسؤولية، بالرغم من جميع المخاطر المحيطة إلا أن مقدار الإصلاح بالنسبة للدمار ما زال أقل من القليل، فهل نبقى ننتظر الأسوأ من الدمار كي نبدأ بالإصلاح الحقيقي؟
الأعاصير وحدوثها
وقبل أن ندخل في جوف هذا المقال يجب أن نفهم بعض المصطلحات؛ فالإعصار بمعناه اللغوي هو عاصفة حلزونية استوائية تحدث في المحيط الأطلنطي وسميت بهذا الاسم لأنها تنشأ في الأقاليم الاستوائية عادةً، وهذه الأعاصير عبارة عن هواء ساخن محاط بهواء بارد ذي ضغط مرتفع، وتصل سرعتها من 72 ميلًا إلى 180 ميلًا، أي ما يقارب 300 كيلومتر في الساعة، ويستمر الإعصار قرابة الأسبوعين كأقصى مدة.
ويتكون الإعصار من ثلاثة أجزاء رئيسية:
ويتكون الإعصار من ثلاثة أجزاء رئيسية:
مركز الدوران وبه ضغط منخفض وهادئ.
|
مركز العين
|
المنطقة حول العين وبها أسرع وأعنف رياح.
|
جدار العين
|
موجات من العواصف الرعدية التي تدور نحو الاتجاه
الخارجي للعين وهي جزء من دورة التبخر التكثيف، التي تغذي العاصفة.
|
موجات المطر
|
يوضح الجدول التالي درجة شدة الأعاصير حسب مقياس سافير – سيمبسون.
الدرجة | سرعة الرياح (كم/الساعة) |
الأولى | من 119 إلى 153 |
الثانية | من 154 إلى 177 |
الثالثة | من 178 إلى 209 |
الرابعة | من 210 إلى 249 |
الخامسة | سرعة رياح عاتية جدًا تزيد عن 250 |
«كن لطيفًا هارفي» جملة كتبها مجموعة أشخاص قرب متجرهم، بعد إعصار هارفي المدمر في أمريكا تحديدًا ولاية فلوريدا والذي توالت بعده إعصارات أشد شراسة أودت بأرواح لم تكن تدري أن تلك النهاية، إضافة إلى إجلاء الملايين من البشر، والخسائر الضخمة جراء تبعات هذا الإعصار، حتى ضرب الأعنف على الإطلاق «إيرما» والذي يعد أقوى إعصار شهده الأطلسي في السنوات الأخيرة حيث رفعت درجته إلى الفئة الرابعة أي أكثر من 135 على مقياس سافير – سيمبسون، هذا وتنتظره الآن ولاية فلوريدا بعد أن مر بجزر الكاريبي مخلفًا وراءه عشرات القتلى، ثم إعصار خوسيه الذي على الأرجح اتجه شمالًا دون أن يلحق ضررًا بالولايات المتحدة، تُعزى الأسباب وراء تلك الإعصارات والكوارث الطبيعية وغيرها الكثير إلى ما وراء الطبيعة، أي إلى ما نجهله من نتائج ما يقترفه بنو البشر من حق الطبيعة، خصوصًا تلك التي تنتج الأعاصير.
تغير المناخ وتكون الأعاصير
تشكل الغابات المطيرة في العالم جوهرًا حقيقيًا في حماية المناخ والطبيعة ويعد اختفاؤها تهديدًا خطيرًا على كوكب الأرض، وتنبع أهميتها في تشكيل السحب وبالتالي هطول الأمطار، وباختفائها تختفي السحب وتبقى الأمطار حبيسة السماء، ومن أهم الأمثلة على تلك الغابات، غابات الأمازون والتي تمتاز بنهرها الذي يعد أضخم أنهار الأرض والتي تشهد اليوم تقطيعًا مستمرًا لأشجارها، حيث قطع أكثر من 600.000 كم2 منذ عام 1970م. وتذهب بعض التقديرات إلى أنه مع استمرار هذا المُعدل فسيَختفي 55% من الأمازون بسبب القطع والتدمير بحلول عام 2030م، فحين تقطيع تلك الأشجار والتي تحمل في طياتها كميات الكربون الهائلة الضارة والذي تنتجه الحيوانات والإنسان حتى تحولها إلى الأكسجين النافع، أي أنها تعمل على التقليل من غازات الدفينة وتقليل حجم الاحتباس الحراري، حيث يستخدم الخشب منها مصدرًا أساسيًا لإنتاج الوقود والذي يعد من ملوثات البيئة حين إحراقه، هنا تأخذ درجات الحرارة بالارتفاع لسببين رئيسين هما: نفاد مخازن الكربون (الأشجار) حين قطعها والتي تنبعث منها غازات الكربون المتحررة، والسبب الثاني هو زيادة إنتاجه في حال إحراق الخشب، واستخدامه في إنتاج الوقود والطاقة، وهذا يعد خللًا حقيقيًا وخطرًا، إذ أيضًا لن تنتج السحب وبالتالي عدم هطول الأمطار بسبب زيادة الحرارة الجوية، وزيادة الاحتباس الحراري، هذا مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الهواء الملامس لسطح المحيط وبالتالي ارتفاع ضغطه فيتمدد ويرتفع إلى أعلى ثم تبدأ الرياح بالانتقال من منطقة الضغط المرتفع إلى منطقة الضغط المنخفض أي من أعلى إلى أسفل، وهذا بدوره يؤدي إلى تبخر الماء وارتفاعه إلى أعلى وتزداد وتيرة ارتفاع الرياح من الأعلى إلى الأسفل وحمل المزيد من بخار الماء المتراكم، فتتكون حبيبات الماء الباردة جدًا وقد تتطور إلى حبيبات الثلج وتنتج السحب المحملة بالأمطار وتستمر عملية تكثيف بخار الماء وزيادة تكون السحب، وبفعل عملية دوران الأرض حول نفسها تبدأ الرياح بالالتفاف حول نفسها مكونة الأعاصير.
الأضرار الناجمة عن التغير المناخي (الصحة)
تلحق الأعاصير الأضرار الكارثية، المادية والمعنوية والتي تصل إلى إزهاق أرواح البشر، فهي بالفعل كارثة ضخمة تهدد الحياة الكونية، خصوصًا مع ازدياد تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، فقد تزايدت أعداد اللاجئين الذين وقعوا ضحايا الإعصارات والفيضانات وغيرها من الكوارث، من دون مأوى أو مسكن أمام الأمراض السارية والقاتلة كالملاريا وسوء التغذية والجوع المستميت بالإضافة للأمراض النفسية، إلى جانب دمار المرافق الطبية، وزيادة وفيات الأمراض القلبية والتنفسية بسبب زيادة ملوثات الهواء وزيادة درجات الحرارة، وتكون نتيجتها أشد ارتفاعًا على مرضى الربو ومرضى الحساسية الذين يشكلون قرابة 300 مليون مريض حول العالم، فعند زيادة الحرارة ترتفع مستويات حبوب اللقاح والملوثات المسببة للحساسية، أما بالنسبة لهطول الأمطار فإنها تواصل الانخفاض تدريجيًا وهذا قد يؤدي إلى نقص إمدادات المياه العذبة وبالتالي انتشار بعض حالات الإسهال الذي يودي سنويًا بحياة 60000 طفل دون سن الخامسة كل عام، وهذا بدوره يزيد من حالات الجفاف والمجاعة، وبحسب تقرير أعدته منظمة الصحة العالمية لمخاطر الصحة العالمية فإن تغير المناخ قد يتسبب في ما يقرب من 250000 حالة وفاة إضافية سنويًا بين عامي 2030 و2050؛ و38000 حالة بسبب تعرض كبار السن لدرجات الحرارة المرتفعة، و48000 وفاة بسبب الإسهال، و60000 وفاة بسبب الملاريا، و95000 بسبب سوء التغذية في مرحلة الطفولة.
يشار إلى أن التغير المناخي وأثره على الصحة هو هائل وكارثي وقد يخلق دمارًا حقيقيًا، وإن من أهم خطوات محاربته تبدأ بالتوعية الحقيقية بأن تغير المناخ يشكل تهديدًا واضحًا على صحة الخليقة، كما يجب العمل ضمن شراكات مؤسسية للحد من الأمراض الصحية ومعالجتها بأسرع الطرق ومساعدة البلدان الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية التي من أهم أسبابها التغير المناخي لمجابهتها وتقدير نقاط ضعفها وزيادة قدرتها على الحد من سرعة تأثر الصحة بالتغير المناخي.
يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.