زيدون فلاح
يواجه
العالم اليوم واحدا من اكبر التحديات وهو تغير المناخ، فماهي اسبابه ونتائجه؟ وما
الذي يمكن ان يحصل ان لم نتخذ الاجراءات والتدابير المناسبة؟ فالتغير المناخي هو
التغير الملموس في معايير المناخ ومن ضمنها درجات الحرارة ومعدلات هطول الامطار
والظواهر الجوية القاسية.
تنقسم
العوامل المسببة للتغير المناخي الى قسمين، العوامل الطبيعية والانشطة البشرية.
ولنفهم اكثر دور البشر في معادلة التغير المناخي يجب ان نتعرف اولا على غاز ثاني
اوكسيد الكربون، حيث يعتبر هذا الغاز احد اهم الغازات الموجودة في الغلاف الجوي
للارض، ووجوده الطبيعي بكميات متوازنة يساهم باحتباس طاقة الشمس لتدفئة الكرة
الارضية والحفاظ على اعتدال مناخنا، ومع ازدياد معدل النشاطات الصناعية للبشر
والتي تعتمد على حرق الوقود الاحفوري تصاعدت وتزايدت نسبة انبعاث الغازات المسببة
للاحتباس الحراري، حيث تشير التقديرات الى ان الانسان استخرج واحرق اكثر من 150
مليار طن من الوقود الاحفوري منذ فجر الثورة الصناعة، فاختل التوازن الطبيعي الذي
خلقه الله سبحانه وتعالى بحكمة ودقة متناهية، فبات الغلاف الجوي يختزن الطاقة
الشمسية المنعكسة من الارض ولا يسمح لها بالنفاذ الى الفضاء الخارجي، وبالتالي ادى
هذا الامر الى الاحترار العالمي.
ان
الاثار والنتائج السلبية للتغير المناخي ليست بالبسيطة، فهو يؤدي اولا الى ارتفاع
درجة حرارة المحيطات وهجرة بعض الكائنات الحية وانقراض البعض الاخر، كما يؤدي
ذوبان الكتل الجليدية في القطبين الشمالي والجنوبي الى ارتفاع منسوب مياه البحر
وهذا يعني غرق واختفاء الكثير من الجزر والمدن الساحلية حول العالم، ومن آثار
التغير المناخي ايضا ازدياد الظواهر الجوية المتطرفة والقاسية مثل الاعاصير وتشكل
السيول والفيضانات، كما ستزداد ايضا وطأة موجات الحر وفترات الجفاف مما يشكل خطرا
مباشرا على الامن الغذائي والمائي، ناهيك عن الاثار الصحية السلبية للانسان نتيجة
لتلك التغيرات.
الهدف
اليوم هو تأمين مناخ آمن ونظيف مستقبلا، الامر الذي يتطلب منا الحد من ارتفاع
درجات الحرارة الى اقل من درجتين مئويتين (هذا مقدار الزيادة في درجة حرارة الارض
منذ الثورة الصناعية)، وهذا لا يأتي من فراغ وانما يجب كبح انبعاثات الكربون الى
الصفر بحلول العام 2050. وهنا تكمن المشكلة الاصعب! اذ لا بد من إجماع دولي على
التحول الى الطاقات النظيفة والمتجددة والالتزام ببنود اتفاقية باريس للمناخ، في
الوقت الذي تتفاقم فيه مشكلة التغير المناخي وتزداد الظواهر المناخية قوة تدميرية
وعدوانية تطرق ابواب العديد من دول العالم سنويا من دون استئذان، فالخطوات الدولية
نحو الاقتصاد الاخضر خطوات بطيئة وخجولة، والجدية والالتزام بالاتفاقيات الدولية
لا تتناسب مع حجم المشكلة، فهاهي الولايات المتحدة الامريكية تنسحب من اتفاقية
باريس للمناخ وهي ثاني اكبر دولة باعثة للكربون بعد الصين.
فإلى
اين تسير الخطط الدولية للتنمية المستدامة، وكيف يمكن تقييم الجهود الدولية
لمكافحة الفقر وتحسين المعيشة والرخاء المشترك لسكان الارض في ظل تزايد وتيرة
الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغير المناخي، وهناك دراسات حديثة اجراها البنك
الدولي تشير الى ان الكوارث الطبيعية تلقي بقرابة 26 مليون شخص حول العالم الى
براثن الفقر كل عام، كما واشار تقرير لقناة سكاي نيوز عربية الى ان 525 الف شخص
لقوا مصرعهم نتيجة لـ 15 الف ظاهرة مناخ، مكبدة بذلك الاقتصادات الدولية خسائر
قدرت ب اكثر من 3 تريليون دولار خلال الـ 20 عاما الماضية.
مع
هذه التركة الثقيلة والسيئة من التلوث البيئي وخراب النظم البيئية وفقدان التوازن
الطبيعي لها، نكون قد جعلنا مستقبل الحياة على كوكب الارض على حافة الهاوية، لذا
سيكون التحدي كبيرا امام اجيالنا اللاحقة في القدرة على الصمود والتكيف مع اسوأ
واعتى الظواهر الجوية المتطرفة مع تقديرات تشير الى ان تعداد سكان الارض سيصل الـ9 مليار نسمة بحلول العام 2050 مع تراجع في قدرات الارض
على الهبات والعطاء وفقدانها لقدرتها الانتاجية، نتيجة للاستنزاف الجائر للموارد
الطبيعية وإخلال الانسان بالتوازن الطبيعي لنظم حياة الكائنات الحية على كوكب
الارض وهذا بدوره سيشكل عائقا كبيرا امام توفير الامن الغذائي والمائي العالمي وبالتالي
تضييع حق الاجيال اللاحقة في الحياة بأمن وسلام كما عاش اسلافنا بوداد وتناغم مع
الطبيعة.
لا
يزال هناك متسع من الوقت لتدارك الازمة وتلافي عواقبها الوخيمة اذا ما عملنا بجدية
والتزام أزاء مسؤوليتنا الاخلاقية والانسانية تجاه الاجيال اللاحقة تماشيا مع
اهداف التنمية المستدامة، لذلك تتعالى صيحات علماء المناخ ووكالات الارصاد الدولية
في كل زمان ومكان الى العمل الدولي المشترك، ولأجله اقامت منظمة الامم المتحدة
العديد من المؤتمرات والاتفاقيات الاطارية بشأن التغيرات المناخية واهمها اتفاقية
باريس التي عقدت في اواخر العام 2015 والتي ستدخل حيز التنفيذ في العام 2020 والتي
وقع على بنودها 195 دولة وستكون ملزمة قانونا برسم سياسات واستراتيجيات انمائية لا
تتسبب الا في انبعاثات طفيفة من الغازات الدفيئة في الاجل الطويل، لعلها تؤتي
بثمارها وتساهم في استقرار درجات الحرارة ومن ثم الانخفاض تدريجيا الى المستويات
الطبيعية المعهودة.
يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.