الدولة الإسلامية الجذور التوحش المستقبل

عبد الباري عطوان
يكشف الصحافي والخبير في شؤون «القاعدة»، عبد الباري عطوان، عن أصول «الدولة الاسلامية» و«الخلافة» المعلنة، التي وصفها وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل بأنها (أكبر تهديد إرهابي يواجه الولايات المتحدة). كما يبحث عن جذور هذه الدولة ومرتكزاتها الإيديولوجية، وطبيعة القوى المكونة لها، وأسرار صعودها المفاجئ، ومصادر قوتها وضعفها، والعلاقة بينها وبين تنظيم «القاعدة» الأم، وعوامل الخلاف والاتفاق بينهما . 

مقدمة
الدولة الإسلامية الجذور، التوحش، المستقبل لـ عبد الباري عطوانالسيدة هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، أصرت في أحد تصريحاتها الصحافية بأن "الدولة الإسلامية" ليست دولة وليست إسلامية، ولكن الواقع على الأرض مغاير لذلك تماما، فهذه المقولة ربما تلقى صدى إيجابيا في الكثير من الأوساط الغربية والعربية، بل والإسلامية التي تقف في الخندق المقابل للدولة الإسلامية وتعتبرها منظمة "إرهابية" مثل غيرها من المنظمات، وتنظيم "القاعدة" على وجه الخصوص. ولكن إذا تأملنا جذور هذه الظاهرة وتطورها السريع نكتشف أنها أقرب إلى "الدولة" من كونها تنظيما عابرا للحدود.

فهذه هي المرة الأولى، ومنذ مئات السنين تقريبا، يستطيع تنظيم السيطرة بالكامل على مساحة جغرافية في حجم دولة بريطانيا التي أقامت أكبر الإمبراطوريات في التاريخ الحديث. فالدولة الإسلامية تقوم، وحتى كتابة هذه السطور، على نصف العراق و نصف سورية، وتنحت حدودا جديدة لأول مرة منذ معاهدة سايكس بيكو، وتسيطر على سيطرة تامة، وهي حدود قابلة للتمرد، تماما مثلما فعلت كل الدول التي توسعت وأقامت إمبراطوريات في حقب عديدة من التاريخ. ونحن هنا لا نتحدث عن النجاح والفضل بقدر ما نتحدث عن النشأة والتطور والطموحات.

تنظيم الدولة الإسلامية لم يكن نسخة جديدة من تنظيم "القاعدة"، وإنما يشكل نموذجا مختلفا من حيث الأيديولوجية والنشأة والأولويات. فتنظيم القاعدة حصر أولوياته في محاربة الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية بالذات، وإخراج قواتها من الجزيرة العربية، وقتل اليهود والصليبيين، وتجنب خوض أي معارك أو حروب ضد تنظيمات إسلامية أخرى إلا بعد عشرين عاما من نشأته في اليمن، وهي صدامات وحروب من منطلق الحفاظ على البقاء والاستمرارية. بينما أراد تنظيم الدولة استغلال حال الانهيار الذي تعيشه المنطقة، وضعف الحكومات المركزية، وتعاظم التدخلات العسكرية الغربية، وغياب السيادة الوطنية، وتعاظم الاستقطاب الطائفي، واستفحال الغضب الشعبي نتيجة لسياسات التهميش والإقصاء، لإقامة دولة وفق مقاساته الإيديولوجية.

ربما تكون الحاضنة الإيدلوجية للدولة الإسلامية، أي التيار السلفي الجهادي العالمي، القاسم المشترك مع القاعدة، فهناك أصول مشتركة جامعة مثل مبدأ "الحاكمية"، أي تحكيم الشريعة الإسلامية وتطبيقها تطبيقا محكما مثلما كان عليه الحال في دولة المدينة، والكفر بالطاغوت (تكفير كل الأنظمة التي لا تطبق الشريعة)، والولاء والبراء (الالتزام المطلق بالجماعة المسلمة الموحدة والبراء من الكفار والمشركين والمرتدين)، والانطلاق من الدعوة النظرية للإسلام والعقيدة إلى الجهاد المسلح كأداة للتغيير وتحقيق الأهداف وأبرزها فرض الشريعة والقضاء على الطواغيت.

ولكن هناك فروقات كثيرة، وأبرزها إعطاء الدولة الإسلامية الأولوية للتغيير المجتمعي تغييرا جذريا، واستخدام "التوحش" بل والإفراط فيه لتحقيق هذا التغيير وفق الإيديولوجية الجهادية، وعدم التفريق بين الطواغيت والاستعمار الغربي الكافر.
تنظيم القاعدة لم يقم دولة، و إنما هو.............. 
لا تنسى تجاوز الإعلان حتى يتم عرض الكتاب على اليمين

يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

شكرا لك ولمرورك