حرب العصابات (Guerrilla)


تعرف حرب العصابات بأنها شكل خاص من أشكال القتال يدور بين قوات نظامية، وبين تشكيلات مسلحة تعمل في سبيل مبدأ أو عقيدة بالاعتماد على الشعب أو جانب منه ، وتتميز هذه المجموعات بتسليحها الخفيف سريع الحركة وعدد أفراد مجموعاتها ، حيث يكون عدد افراد هذه المجموعات صغيرة ، وتستهدف تهيئة الظروف الكفيلة بفرض إرادتها على خصمها من خلال اضعافه بسبب تكرار الضربات وتنوعها.

وقد بدأ تبلور مفهوم حرب العصابات على يد الإسبان الذين شكلوا من بينهم عصابات مسلحة لمقاومة نابليون واستطاعوا إزعاجه وإنهاكه بعد هزيمة قواتهم النظامية على يديه، وقد ساهمت هذه العصابات الإسبانية فيما بعد مساهمة ملموسة في معاونة ويلنجتون حين دخل بقواته النظامية ضد نابليون في المعركة المعروفة باسم معركة واترلو عام 1815.

ومما يدل على أهمية هذا النوع من الحروب، ما حققته مثل هذه الحروب ضد الغزاة اليابانيين عند غزو الصين، والسوفيتية ضد الألمانيين، والجزائرية ضد الفرنسيين، والفيتنامية ضد الفرنسيين ثم الأمريكيين، وأخيرا قوات حركة موختي باهيتي في بنجالديش ضد القوات الباكستانية.

بل إنه ليس أدل على أهمية هذا النوع من الحروب، من أن دولا كالولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا الاتحادية، وفرنسا، قد استفادت من فكرته بإنشاء قوات تنهج أسلوب رجال العصابات بالرغم مما تملكه هذه الدول من إمكانات التعبئة النظامية.
ويتخذ التكتيك العسكري في حرب العصابات شكلين رئيسيين، هما الكمائن والإغارة، ورغم التباين الواضح بين الكمين والإغارة في بعض التفصيلات الفنية، إلا أن كلا منهما يخضع لقواعد عامة لا بد من مراعاتها في تكتيك العصابات أيا كان الشكل المتخذ فيه.

عمليات ومهام أخرى
1. أعمال الاستطلاع والرصد والتجسس لتحركات الجيش المعادي لصالح عملياتهم.
2. تخريب خطوط اتصال الجيش المعادي.
3. تحقيق أكبر الخسائر في خطوط تموينه.
4. توجيه ضربات سريعة وحاسمة في قوات الدعم اللوجستي.
5. ضرب بعض النقاط الاستراتيجية التي يملكها الجيش المعادي.
6. عمليات الاغتيال والخطف.
7. شن حرب نفسية ضد القوات المعادية عن طريق بث الشائعات التي من شأنها إضعاف الثقة بين أفراد قواته.
8. تزوير الوثائق التي من شأنها تسهيل مهامهم المختلفة.

أولا: القواعد العامة التي تحكم تكتيك العصابات
وهذه القواعد هي :
- الهدف التكتيكي هو المقاومة وإضعاف الخصم لا إنهائه وتحقيق النصر، ولذا يجب ترك العناد والإصرار إلا عند عدم التمكن من الفرار فحسب ، ولهذا قال ماوتسي تونج: « على رجال العصابات أن يكونوا خبراء في الفرار ».
- يجب الحذر دائما من إحاطة العدو وحصاره ، ومحاولة التملص الدائم والفوري من القتال عند الاحساس بوجود محاولة للحصار.
- يراعى في الهجوم الحذر التام، مع مراعاة استخدام اساليب التمويه والختباء.
- يجب أن تكون قواعد الانطلاق محصنة تحصينا طبيعيا ، أو مجهزة تجهيزاً هندسياً لصد أي هجوم شامل على مواقعهم.
- يراعى عدم ترك أية آثار عند الانتقال أو التوقف للراحات.
- يجب القيام ببث قواعد صغيرة حسنة الإخفاء حول منطقة الأهداف قبل الهجوم عليها حتى يمكن استخدام هذه القواعد في إخفاء المصابين توطئة لنقلهم إلى مناطق أكثر أمنا.
- يتم تخبأة المؤن والسلاح باستخدام مخازن صغيرة مخفاة لا يعرف طريقها إلا عدد قليل من المقاتلين او المسؤولين عن التوزيع ، ويتم التخزين باستخدام اساليب علمية صحيحة حتى لا يؤدي ذلك الى فساد المخزون من السلاح او المؤن بسبب الرطوبة او الضغط وغيرها من العوامل.
- يراعى السرية التامة، في خطط التحرك، وقواعد الانطلاق الفرعية والتبادلية ، فضلا عن الرئيسية بالطبع، لا يجب أن يعرفها إلا عدد قليل من المقاتلين.
- يراعى تجنب تكرار نفس العمليات لأنه في حال وجود نمطية ثابته للعمليات ، سيؤدي الى ازالة عنصر المفاجأة من العمليات.
- الاندفاع والتهور مرفوضان تماما في تكتيك العصابات.
- المفاجأة والسرعة والحسم، أمور مهمة في تكتيك العصابات.
- يفضل مهاجمة العدو وهو في حالة التحرك، لسهولة الإيقاع به في هذه الحالة.
- يفضل الهجوم على المنشآت المنعزلة لأثرها السيكلوجي، فضلا عما تؤدي إليه من إجبار العدو على إعادة إنتشار وتوزيع قواته ، بالإضافة إلى توفر المؤن والسلاح بها بكميات جيدة.
- يجب سحب أسلحة ووثائق القتلى من المقاتلين.
- يجب أن يعتمد رجال العصابات على جهودهم الذاتية للتعيش، فيتفرقون للحياة ويجتمعون للقتال.

ثانيا: الكمين
والكمين - كتكتيك قتالي - تعرفه القوات النظامية كذلك، بل وتستخدمه القوات الخاصة بكثرة في الجيوش النظامية وذلك بغرض الحصول على أسرى أو وثائق.
ولا يختلف الكمين سواء لدى رجال العصابات أو لدى القوات النظامية في أسسه الفنية، إلا أن الكمين عند رجال العصابات ينفرد بميزات معينة أهمها، الاعتماد على الدعم المحلي للسكان في الإخفاء والتمويه والانسحاب وتكديس الأسلحة والمعدات المطلوبة، وكذا تعويض الإمكانيات المادية المطلوبة بالروح المعنوية العالية والذكاء المحلي.

ويقصد بالكمين، الاختفاء في موقع جيد ينتظر تقدم العدو تحت سيطرته، حيث تقتحمه قوات الكمين بغرض إبادة العدو أو الحصول منه على أسرى أو وثائق أو أسلحة أو معدات، فضلا عن إزعاج العدو وإثارته وإرهابه بالطبع.

ولنجاح الكمين بهذا المعنى، تعمد قوات العصابات إلى تقسيم الكمين إلى ثلاث مجموعات، هي مجموعات الملاحظة، والاقتحام، والوقاية وستر الانسحاب.

ويرى أرنستو شي جيفارا أن من الممكن أن يتم الكمين بطريقة أخرى سماها هو « الرقصة الموسيقية » وفيها ينقسم رجال الكمين إلى أربع مجموعات تحتل كل منها اتجاها جغرافيا معينا وتقبع فيه انتظارا للعدو. فاذا ما جاء العدو وتوسط هذه المجموعات عمدت إحداها إلى إطلاق النار عليه، فإذا ما هجم عليها: انسحبت هي من أمامه بينما تطلق مجموعة أخرى النار عليه، وهكذا تتبادله المجموعات الأربع هجوما وانسحابا حتى تنهار روحه المعنوية ويتجمد في مكانه ثم يقع فريسة سهلة للكمين في النهاية.

ولا يهم الوقت في تنفيذ هذه المناورة، فقد يكون ليلا أو نهارا، إلا أنه يراعي تقصير الأبعاد فيما لو نفذت هذه المناورة ليلا.

كما يرى كل من ماوتسي تونج، والجنرال نيجوين فوق جياب قائد جيش التحرير الفيتنامي - فيما سبق - أن من الممكن تنفيذ الكمين بطريقة مركبة يطوق فيها العدو مجموعة صغيرة ثم يكتشف بعد فوات الأوان أنه كان خاضعا لخدعة ماكرة حيث تكون مجموعات كبيرة قد طوقته هو أيضا.

ثالثا : الإغارة
والفارق الفني بين الكمين والإغارة يكمن في أن الكمين انتظار وترقب في موقع جيد، بينما الإغارة تقدم مدروس إلى هدف مختار بعناية.

ففي الإغارة تتقدم القوة المغيرة مراعية الاختفاء التام على طريق تقدمها نحو الهدف المختار من قبل، ئم تقوم هذه القوة باقتحام هذا الهدف بالأسلوب الذي يناسب المعلومات عنه.

وبالطبع فإن الهدف العام لكل إغارة، هو إزعاج العدو وإرهاقه وإرهابه، إلا أن لكل إغارة أهدافا خاصة أخرى قد تكون الحصول على الأسرى أو الوثائق أو الأسلحة أو المؤن أو المعدات أو حتى مجرد تدمير الغرض المستهدف ونسفه.

وجدير بالذكر إن الانسحاب في الإغارة يعتبر من أهم مراحلها، فالعدو لن يبخل بالمطاردة اللازمة إذا ما تيسرت له طرقها، بينما لا تتمتع القوة المغيرة بأي ستارات من النيران الثقيلة لأن هذا البذخ لا يتوافر لرجال العصابات غالبا، ولهذا يعمد رجال العصابات إلى تعويض ذلك بالانسحاب من الطرق الوعرة الصعبة، مع تلغيم هذه الطرق بالإشراك الخداعية الصغيرة التي تعوق تقدم العدو خلف القوات المنسحبة.

يمكنك التعليق على هذا الموضوع تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

شكرا لك ولمرورك